Quantcast
Channel: Nietzsche mephistopheles
Viewing all 80 articles
Browse latest View live

مرحلة الياء بكلمة "صوفي"/ إيلاف شفق

$
0
0

من رواية أربعون قاعدة للحب
ترجمة محمد سيد عبد الرحيم



قال عزيز أنه منذ تلك اللحظة تغير كل شيء في حياته. من رجل مقبل على الموت إلى رجل يحب امرأة في وقت غير متوقع. كان عليه فجأة أن يغير مكان كل القطع التي تخيل منذ وقت طويل أنها مستقرة بمكانها. وجد نفسه يعيد التفكير مرة أخرى في معاني كلمات كالروحانية والحياة والأسرة والأخلاق والإيمان والحب، بدأ يتجدد تمسكه بالحياة.
هذه المرحلة الجديدة والأخيرة بحياته هي مرحلة حرف الياء بكلمة "صوفي". قال أيضا أن هذه المرحلة يلاحظ عليها أنها أصعب كثيرا من كل المراحل السابقة عليها، لأنها جاءت في وقت كان يعتقد أنه قد انتهى من معظم، إن لم يكن كل، الصراعات الداخلية، جاءت في وقت كان يعتقد أنه قد وصل فيه إلى النضج والانتشاء الروحاني.
"يعلمنا التصوف كيف نموت قبل أن نموت. لقد مررت بكل هذه المراحل، واحدة واحدة. وحينما ظننت أنني قد وصلت إلى المنتهى، نزلت علي تلك المرأة من اللا مكان. تكتب لي الرسائل الإلكترونية وأرد عليها بالمثل. بعد كل رسالة إلكترونية انتظر بفارغ الصبر جوابها. أصبحت الكلمات أكثر قيمة مما كانت عليه من قبل. تحول العالم كله إلى شاشة سوداء تنتظر أن يُكتب عليها. وأدركت أنني أريد أن أعرف هذه المرأة أكثر وأكثر. أريد أن أقضي وقتا أكثر مع هذه المرأة. فجأة اكتشفت أن حياتي لا تكفيني. أدركت أننى أخاف الموت، وأن جزءا مني مستعدا للتمرد على الله الذي أعبده وأخضع له."
قالت إيلا عندما استطاعت أن تخرج صوتا من بين شفتيها "لكننا سنجد الوقت كي..."
قال عزيز بلطف لكن بحزم "قال لي الأطباء أنه قد تبقى له ستة عشر شهرا. قد يكونوا مخطئين. وقد يكونوا محقين. لا أعرف ولا أستطيع أن أعرف. وكما ترين يا إيلا، كل ما استطيع أن أقدمه لك هو اللحظة الراهنة. هذا كل ما أملك. لكن الحقيقة أنه لا أحد يملك أكثر من اللحظة الراهنة. لكنهم يحاولون فقط الإدعاء بأنهم يملكون أشياء أخرى."


عرض فيلم وداعا لينين!

$
0
0







الأحد القادم 8/4/2012 عرض فيلم  وداعا لينين!
بنادي سينما مغامير بكرمة بن هانئ بمتحف أحمد شوقي 6ونص مساء
الفيلم انتاج ألماني 2003
مدته 121 ق

إخراج وولفجنج بيكر
في عام 1990 وقبل سقوط حائط برلين بقليل تدخل امرأة بغيبوبة لتخرج منها بعد سقوط الحائط واتحاد ألمانيا الشرقية مع الغربية، لكن ابنها يخبئ عنها هذا الخبر حتى لا تموت بسبب حبها الشديد لبلادها ألمانيا الشرقية وسياستها ونظامها. الفيلم يدور في قالب كوميدي سياسي حيث يحاول الابن اخفاء أمر اختفاء ألمانيا الشرقية الشيوعية تماما من الوجود لتندمج مع ألمانيا الغربية الرأسمالية.

هكذا تكلم "ميهي "

$
0
0



-         مريم ، أكملي هذه الجملة ، إذا كنت غنيا سوف . .

إهداء : إلي من كرهوا عملهم اليومي و إستجابوا للاوعي .

ما بين أيديكم مذكرات لشاب يدعي أن اسمه "ميهي "(1)و لأن ما لاقاه يضفي علينا خبرة حياتية لذا قررت نشرها بعد أن تأكدت من وفاته ، و ملحق خبر بذلك :-
عثر أهالي الروضة علي جثة شاب يدعي "ميهي "

قالت والدة الغريق أنه اختفي منذ تسعة أيام كاملة . . . . . . . .(2)



24 مارس 2019
حبيبها لست وحدك . . حبيبها .  (3)            

جذوتي المشتعلة يطفئها نوران / ينبثقان من عيناها ، عيناها الواسعتين / المكحلتين دوما ، تارة بالمعتم و حين بالفاقع و بون ذاك و هاك صبغتها المفضلة ، صبغة سمائي .
تمسك بيدك ، تهرب إليها فتستمتع بالفرار الصامت ، إلي أين لا يهم ، تدفعك إلي سيارة أجرة - يتحايل الأبيض علي الأسود كي يطغي - ، تري أسود قصر النيل الفرنسية (4) ، فتخرج إلي مكنونك هامسا "أنا لست أسدا ، أنا لست أبي الهول (5)، لست إله الشمس ، لا أستطيع مواجهة الشمس المشرقة و لا أن أكون حامي الأهرامات أو ممزق أعداء رع . . . أنا لست أبي الهول " . تبتسم ، فتفيقك هي قائلة "سوف نتوقف هنا "، تنفتح علي الكون مرة أخري و تترك الكرسي منتظرا ثنائي جديد يتابعه ، تدفع الأجرة بسخاء ثم تتبعها ، ، ، هل تسألها أين ستجلسين سيدتي  أم أنا من سألتها ؟ أو ربما هو النادل ، تهز كتفيها قائلة "أجلس بمقابلي "تجلس ، تنظر إليها ، عينان جريئتان / معبرتان .
لما تبدأ دائما بوصف عيناها ؟ هل العيون بوابات ترحل عبرها إلي عالم آخر خاص ؟ . . باحتراف تحرر يدها اليسري كي يعرف الحضور أنها غير متزوجة ، تحرر يدها اليمني كي يعرف الحضور أنها غير مخطوبة ، تتلاقي عيناها بعيني شخص كي يعرف أنها غير مرتبطة عاطفيا ، تخفض عيناها مستحية كي يعرف أنها غير نافرة .
تشعل لفافة تبغ ، أشعر بالنار بيني و بينها و لكنك أقرب إليها منها ، نار خففت سبعين مرة .



اسمي أنا دعنا من الأسماء
أسخف ما نحمله يا سيدي الأسماء (6)

القاهرة الرابعة فجرا
ورق الجرائد يقفز علي الأسفلت ، يحاول الطيران بواسطة شئ خفي اسمه الريح ، تحاول أن تنتشله من الغرق في عتمة الطرقات . بعد هزيمة المنتخب القومي ، خلت الطرقات سوي من عسكري مرور . . يشوط كلب ، ينتفض مذعورا ، يهرب غير عابئ سوي بكدمته ، يأخذ العسكري الورق المقوي الذي كان الكلب نائما فوقه ، يمشي متعثرا هنا و هناك ، وصولا لعامود الإشارة ، يفرش الورق المقوي و يستلقي عليه .

تعريفات لابد منها :-
            عدم الحيلة : أن يتقصي ضابط دورية بنظره طول لمة شفة إمراتك العليا و تكور بطنها و نهديها . و عندما تنبهه مستفسرا "في حاجة ؟ "يرد عليك في ابتسامة خفية "مساء الفل " .

أراه ، أري الإحباط علي أعتاب عيونهم ، يظن انه خفي / مستتر ، إحباط أبله و لكنه مؤثر . عكس كل الخلق أذهب إلي شارع "جامعة الدول العربية "يوم الهزيمة ، تحرسني مجموعة نجوم الميزان ، تداعبني ببريقها رغم محاولات أضواء المدينة لإخفاق سعيها المستمر و الحاني .
بعضهم يسير كالنسر و البعض الآخر كالفراش و البعض الآخر كالدب ، إلي أين ؟ كل إلي عريشته / شرنقته / وكره ، فراش خاوي ، فراش يملؤه صدر شخص ما ، فراش يملؤه ظهر شخص ما .
الوقت يسيل سويعة تلو السويعة و شخصي لم يفارق شارع "جامعة الدول العربية "، أراقب مبني من طابقين حتي تلاشي البريق من جراء النهار.

( 1 + 1) لا يساوي ( 3 ) ابدا . (7)



حينما أرحت سماعة الهاتف لتلامس أذني ، وصلتني بحة صوتها ، تريدني . . تريد أن تراني – أغتبطت – معنا شخص آخر – أرتبكت – شخص رأيته من قبل – أستفسرت – رامي – أنزاحت الغمة لتفسح موقعا إستراتيجيا لغمة أكحل .
نعرف بعض منذ . . منذ أن كان الإختلاط محببا ، تحيطني أحيطها ، تقبلني أقبلها ، تضربني أضربها ، تراني عاريا فأستكشفها ، إذن ما الجديد ؟ الجديد هو الكبر . . إذن ، فليكن فلن أنسي ما كان في الصغر ، سوف أنتظر إلي الأبد . . و لكن لم إخبر من قبل هل للأبد "هذا "زمنا معينا ؟
في باخرة غير جذابة ، التقينا ، أنا و هي و ثالثنا "رامي "، تجلس بينكم ، تداعب رامي مرة و تحاول التوفيق بينكم مرة و ترشق نظرة خارجية دوما ، أسمع نهيق إتان فتدهش ، من أين يأتي هذا النهيق و الباخرة تبحر في النهر المنساب كرقائق جبلية لا تذكر أين رأيتها و لا أستطيع أن أذكرك بها ( ملحوظة : آسف علي كبت تخيلك أحيانا ) .
دائما ما أراها تعبر الإطار و تقف خلف النافذة – نافذة سلفادور دالي (8)– الثوب القصير الذي يظهر إكتمال نضوج الساق و يبرز تكور الأرداف ، هي لا تنتظر حدثا خارج الغرفة الخاوية بل شخصا من خلفها يمسك بأردافها ، يلامس ظهرها ، يعتصر أثدائها و يتلمس نتوءات شفتيها بإنسياب علي وتيرة نهرية موسيقية لموتسارت (9) .
لم يخجل رامي من الحدث و لم تخجل أنت مؤكدا ، هذا لأن الخجل يعتمد عليكم معا و ليس علي شخص واحد ، فمعاملتك له كقرين جعله ينسي خيلاته عن موقف الآخر – الذي هو نحن – و موقفه . و لكني إستمتعت بمشاهدته يتحول كحرباء لها أصول أسفنجية من التجهم إلي التبسم و من التبسم إلي التجهم ، نظرات العين و عضلات الفك و الوجه كلها تنم علي مستوي بدائي في التعبير ، أستطيع أن أمنحه بيسر "ضعيف جدا "، فما رأيك ؟

تعريفات لابد منها :-
الحرية ليست التحرر من كل شئ ، لأن الحر لا يستطيع أن يتحرر من قانون الحرية ذاته ، مثله كمثل تنين يأكل جزءا من جسده كل يوم حتي تخور قواه فيأكله وحش أسطوري آخر ليس له مسمي .



الروضة الخامسة صباحا
النهار يسحقني بسلاسله الذهبية ، يكبلني ، يمزق مسامي محاولا التفشي بجلدي كالسرطان ، اسألك "لماذا أنتظرت حتي تمزق الليل ؟ ألا تعرف أن الظلمة هي المحمية الطبيعية للتعساء ؟ في الظلمة يحلو الترح و يستجيب العقل لأكثر من طريقة للإنتحار "
النيل الحبري و البرج القلمي يعشق أحدهما الآخر و ينتظر كلاهما ظاهرة إكلينيكية جيدة للأرض تخفف من الفروق الغير جوهرية التي تمنعهم من الملاقاة . هذا ما وقع به تفكيري و مريم بيننا وبينه .
ألا تظن أننا أحق منه بها . فملامحها من ملامحي ، تمنعها من تمنعي ، نتوءاتها و أرضيتها الخصبة أعرفها و أدركها تمام الإدراك . هو فقط دخيل علينا ، يريد الإنتفاع بكل مواردها المادية و الصورية رغم جهله التام بكيفية التعامل معها . فلا غرو أنها من الممكن أن تبتلعه يوما ما . و ربما تأتي أمه الفرنسية لتبحث عنه في جوفها ( ملحوظة : لم أعرف لمريم أصدقاء إناث ) فتلتهمها هي الأخري في بئرها السبعي . . . فاحذر ، ،  فعندما تأتي النهاية ، ستأتي نهاية حياتك و أحلامك و أمالك و أوهامك و خيالاتك و تخيلاتك و أفكارك و آرائك و تحذيراتك و آلامك و أفراحك و لكن قبل كل هذا ستنتهي هذه المذكرات .   .   .

تعريفات حدية : -  
بعض الناس كالشمس لهم بريق بازخ و جلي و بعضهم كالقمر لا يستطيع أن يشعر به أحد إلا عندما يغيب الشخص المصاحب له دائما و بعضهم كالكواكب لا بريق له و لا انعكاس و لكنه أكثر تركيبا و إلحاحا للإستكشاف .

أمشي حاملا إحساسي بالتهافت كالمسيح يحمل صليبه بدرب آلامه (10) . بعض الصور و التشبيهات تستدير فتمنحها إبتسامة و تحديقة أو تحديقتين بعد أن تكون قد تخطيتها . و تتسأل هل من اخترع القطار فكر إنه سوف يأتي يوما يرمز الفنانين للحياة بهذا الإختراع .
تسألني "ماذا ستفعل بأداة الجريمة كما يطلق عليها وكلاء النيابة ( أكثر من جيد جدا ) و المحاميين ( أقل من جيد جدا ) ؟ "لا أدري ، ربما أقذفها في النهر و . . . . و لكن لماذا أقذفها و لماذا أتخلص منهاأصلا و بدءا ؟ نعم . . فماذا يهم إذا كان القصبجي (11)خلف ثومة (12)أم ثومة أمام القصبجي ؟ طالما أن الناس لا تهتم به . مثلما إني لا أهتم الآن بكلاهما إلا في هذه النقطة فقط ، فأنا أتحدث عن نفسي عندما أريد أن أتحدث عن نفسي و أتحدث عن الآخرين عندما أريد أن أتحدث أريد أن أتحدث عن نفسي أيضا . و أضجر و أشعر بالتقيؤ و تنتابني كلستروفوبيا (13)  و عدم مبالاة نحو كينونة و وجود و بالتالي حديث الآخرإلا إذا كان يتحدث عني . هذه ليست أنانية و بالتأكيد ليست غيرية و لكنـ < ي > أستطيع أن أطلق عليها نفسية . فنفسي تبغض الآخر حتي إني يوما أنكرت وجوده تماما ، ربما شماتة وربما تمنيا لذلك ؛ فافهم .
تعريفات لا تاريخية : -
لا فرق بين السادات (14) و اسيودورس (15) أو ثورة التصحيح و ثورة البوكليا .

و قد خرجنا عما كنا بسبيله فنرجع .



تضايقني رائحتها و يعف عن عيني لزوجه سائلها الذي امتلئ حوض الإستحمام به و تضمني وحدة رغم تناثر أشلائها في أرجاء أرضية الحمام . قلت لها يوماو بصوتي شجو و شجن ( لا أتذكر لماذا كنت بوهدة يتراكم عليها الشجو و الشجن ، أظن أنك كبت مخيلتي هذه المرة ، فاحذر مني و لا تعبث معي ) "حينما أعشق شخصا بحق أبغي أن أتملكه " . سألت في عدم اهتمام كارميني مقتضب "كيف ؟ "بعد أن تأكدت أن إعترافاتي لن ترسخ  في عقلها / ذاكرتها ، جاوبتها "حينما أمارس معه حواسي جميعها "ضحكت و قالت و كتفيها يرتفعان و يهويان من جراء قهقهاتها المفتعلة "إذن فأنت تعشق كل من عرفتهم ! " .
كنت أقصد حينها إني لن أمارس معه / معها بصري و سمعي و تخيلي فقط ، بل استنشاقي لرائحته حتي النفاذ و تذوقي لملمسة حتي الإشباع و عبثي بأشلائه المتناسقة حتي شعوري إني أستطيع التوفيق ما بينها بعد بعثرتها .
سألتك مرارا لماذا تعشق هذه الغبية و لكنك تفحمني و تجعلني أبتلع لساني مثل لا عب نيجيريا بجوابك أني أيضا أهيم بها و ربما زدت عنك رغم تنافي و تلاشي هذا الإحتمال فكلانا متساويان بالعته بها . و ما يجمعنا هو قانون كليبتومانية (16) مريم و الإحتفاظ بها و النهل منها حتي التخمة . فافهم !
السكين الخاص بفتح الجوابات لا يجدي الآن فقد أنتهت مهمته بالوصول إلي الغرفة اليسري من قلبها (17)، تتكافأ بها الأمواج كأنها تتساقط ، أو تمور كأن الأمواج تتكافأ بها ، أقف مبهورا / مشغوفا بموعد السقوط ، بجذبني في لحظة أو لحظتين خاطفتين التقاطعات الوردية للباسها الداخلي و قد استحال إلي القاني و عيناها تضيق حدقتيها مخلفة لون أكثر غموضا من لوني المفضل .
هناك . . . كانت . . . هذه اللحيظة التي أدركت فيها أن شيئا لم يتغير و أنها لن تحبني أبدا بعد اليوم و أنهالم تحب من قبل ، حتي حبها لذاتها شككت فيه ، فكم حاولت أن تخرج من جسدها . و عندما وصل فكري إلي هذا ، اغتبطت ؛ إذن فأنا لم أفعل شيئا سوي مساعدتها ، ، ، مساعدتها علي الخروج من الجسد إلي هذا المكان الذي أنا به الآن .
و لكني تأكدت أيضا أني سأموت و أنا سمين مثل قط أعرج و وحيد مثل نفس القط الأعرج ، ليجدني الآخرين – إن وجدوا – بعدها بأيام معدودات و أنا نصف متحلل . فقررت أن لا يجدني أحد . وأدركت أن رغبة ملحة في الغربة قد استحوذت علي .



لست أنا النبي لأدعي وحيا
و أعلن أن هاويتي صعود(18)

( أعرف أنك تريد أن تعرف ما شكل و تكوين و ملامح هذا المكان الذي أسكنه الآن ، و لكني لن أقول لك ، فمثلما أنك مهتم بها هنا عن ها هناك فإني مهتم بها هناك عن ها هنا ) . . . انتهي .

                                                            رواها : ميهي
                                            تجميع و تنسيق و تعليق : محمد سيد عبد الرحيم


(1)            هيروغليفي تعني الغريق و تطلق علي أزوريس بسبب موته غريقا ( راجع إيزيس و أزوريس : بدون مؤلف ) .
(2)            و إنني أرجو القارئ أن يبقي هذه الملاحظة في ذهنه الخصب .
(3)            للشاعر المصري كامل الشناوي .
(4)            هدية من فرنسا إلي مصر .
(5)            أبي الهول لا يتزوج و لا ينسل ، فقدره أن يحيا و أن يموت وحيدا .
(6)            للشاعر السور نزار قباني .
(7)        أوليات بديهية .
(8)            فنان تشكيلي أسباني .
(9)            مؤلف موسيقي ألماني .
(10)            في العقيدة الإسلامية يهوذا .
(11)            عواد و ملحن مصري .
(12)            مطربة مصرية .
(13)            مرض الخوف من الأماكن المغلقة
(14)            رئيس مصري .
(15)            قائد ثورة البوكليا بمصر الرومانية .
(16)            مرض هوس السرقة .
(17)            راجع حي بن يقظان للمؤلف ابن طفيل .
(18)            للشاعر الفلسطيني محمود درويش .

إدمان

$
0
0




تقول الأسطورة: إن آدم لم يكن يتنفس ولكن عندما شعر بالملل، أراد أن يفعل فعلا جديدا لم يسبقه أحد إليه – رغم أنه أول الفاعلين –، فتنفس، عندها فقط أعجبه الشعور والوقع، فأدمن التنفس.
محمد سيد عبد الرحيم

المدينة التى شقها النهر نصفين

$
0
0




توجد آنات تريد أن تسجلها. تضع الشريط الممغنط ثم تضغط على الزر الأحمر الصغير. حاول ألا تزيدها عن الثلاث ساعات – المدة المتاحة للتسجيل على الشريط – والحمد لله القادر أن الآنات السعيدة لا تزيد عن تلك الثلاث ساعات. أقول لك الحق، بأبي وأمي كل الآنات السعيدة فى الحياة لا تدنو حتى من هذه الثلاث ساعات. توجد ثلاث آنات فى الحياة: آنات سعيدة وهى النادرة والعزيزة وآنات محايدة وهى الغالبة والغزيرة والجنس الثالث هو الآنات المفجعة والموجعة. تلك الأخيرة هى الآن بالنسبة لي.
الآن... أنام بغرفة نومي، تنام زوجتي بجواري مستكينة كأنها فى بياتها الشتوي. الغرفة معتمة وضوء أصفر مهتز يتحرك بسقف الغرفة كلما مرقت سيارة بالشارع المطلة عليه غرفة نومنا. أحاول أن ألامس زوجتي ولكن كلما حاولت ذلك تغوص يدي بها حتى ترتطم بالفراش وكأنها غير موجودة وكأنني غير موجود.
الليلة كنت أريد الجماع، أحب أن أتحسس ملمس يسرا المزغب، أقبل شفتيها اللتين كزجاجة شربات الورد المسكر. ثدييها اللتين ككوكتيل من الفواكه متناسقين ومتزنين. حقا أريد أن أحتضنها وأجامعها ولكني لا أستطيع حتى أن ألمسها. شوقي إليها يزداد، حبي لها يفيض، يملأ أركان الغرفة، يسيل من عتبة الباب ومن خصاص النوافذ، يتمتع به الجيران، يشكرونني عليه، فأحسدهم على خيري الذى لا أنتفع به. أحاول اللمس المرة تلو المرة تلو المرة. لا جدوى. أقترب أكثر من ظهرها، أحاول أن ألامسه بصدري. لا جدوى. أغمض عيني، ثم أمد يدي للمسها. لا جدوى. لا جدوى. لا جدوى. لا جدوى.
يسرا. تصحو مفزوعة من أثر ندائي الجهير. تسألني ما بي، أجاوبها أنني لا أستطيع لمسها. لا تصدقني. بالتأكيد لا تصدقني. فأنا أيضا لا أصدق نفسي. تحضنني وتقبلني. أشعر بملامساتها فأحتضنها وأبادلها القبلة أضعاف أضعافها. حسنا، هل كنت أحلم أم أنها أحلام يقظة أم أنه وهم و خداع؟ ابدأ فى خلع ملابسي ثم أحتضنها ولكني لا أشعر بها. فقط أشعر أنى نائم على الفراش داخل جسد وليفتي. تصرخ يسرا، ثم تنتفض مفزوعة. تقف عارية فى ضوء السيارات المارة بسرعة والتى نسمعها بسبب الصمت المتفق عليه من كلينا. تحدق بى فاسألها هل تصدقني الآن، تمد يدها كى تتأكد فتلمسني، يقشعر جسدانا وكأن أحدنا لم يلمس الآخر من قبل. أهز ساقي فى توتر بعد أن جلست على حافة الفراش الدافئ، بينما تقف زوجتي أمامي بنصف وجهها متوثبة للجرى/ للفرار منى، وكأنني كلب أجرب شرس ينتظر لحظة هربها لينقض عليها ناهشا. أقف فجأة، فتبتعد خطوة للوراء، يصطدم كعبها بالدولاب الأعمى، فتتألم، أمسكها قبل أن تقع على الأرض، ولكنها تمر من بين يدي لتهوي على أرضية الحجرة لتحدث ضجة وألما، تقع لأنني غير موجود، وكأنني الهواء/ الفراغ. تصرخ رعبا وليس آلما. أحاول تهدئتها فتتجاوب معي. يدق الباب، فينهال الجيران تباعا، يسألونها إن كنت قد ضربتها، فتجاوبهم بالنفى وتخبرهم بما شاهدته وخبرته، يضحكون، لا يصدقونها، بالتأكيد لا يصدقونها، ينظرون لى فى استفسار فلا يلقون مني انفعالا. يقتربون منى الواحد تلو الآخر، يحاولون لمسي فينجحون، أحاول الضحك تخفيفا من الموقف، ترمقني زوجتي باستغراب، يلمسونني الواحد تلو الآخر، يسلمون علي، يخبطون علي ظهري، يربتون على خدي مرتين كأنني طفل صغير قد أصيب. مستسلما لهم أقف وابتسامة قد فازت فتناثرت على وجهي. تقترب مني يسرا ببطء، تلمسني، ثم تلسعني بيدها الرفيعة التكوين. يوحد الجيران الله ثم ينصرف كل إلى غرفة نومه. نطفئ النور الجلي ليظهر الضوء المهتز مرة أخرى. ننام على الفراش، أبتسم لها ثم أعاود خلع ملابسي مرة أخرى، ألمسها فأخبط يدي بالفراش مرة أخرى.
 تقوم من الفراش ولكنها لا تصرخ هذه المرة. فقط تخرج من غرفة نومها لتجلس على مقعد الأنتريه، رغم أنها تحب دائما أن تجلس على الأريكه. هي تعرف جيدا أنها إذا صرخت مرة أخرى سيعتبرونها مجنونة أو نافرة.
يؤذن الفجر، فأدخل الحمام لأستحم رغم أننى لم أجامع وليفتي. تنظر لى فأبتسم لها ثم أخرج من بيتي. صف صلاة الفجر الوحيد، لم أسمع شيئا من تلاوة الإمام، ركعتان صافيتان للتفكير فى هذا الموقف المربك، أصلي كالمأخوذ وفكري يحاول أن يفهم، بعد الصلاة أقتربت من الإمام، قلت له أن حدثا كربا قد حل بى هذه الليلة، سألنى عن ماهيته، جاوبته كاذبا. كنت أنوى أن أخبره بكل شئ قد حدث. صوت تلاوته الرائق مع جو الفجر الصاف، جعلني أوقن أن لديه حلا لهذه المعضلة ولكنني كذبت عليه. أوصاني بالصلاة وتلاوة القرآن والتصدق، فانصرفت عنه. عندما عدت كانت يسرا قد تحللت من البيت، غادرت إلى أمها، بالتأكيد فعلت! نمت طويلا ثم صحوت فجأة. و كعادتي أردت أن أدخن قبل أن آكل، ولكني عندما أخرجت السيجارة سقطت من بين أصابعي، انحنيت إلى الأرض لألتقطها ولكني لم أستطع. وكأن السيجارة لا كتلة لها، هى صورة فقط، صورة فراغية، أو فراغ صوري، أو مجرد فراغ، فراغ...... فراغ محض كجسد يسرا، أو بالأحرى كجسدي، أنا هذا الفراغ، أنا الرجل الذى فقد تكوينه..... هل سأختفى فى النهاية؟ هل سأصبح متلاشيا، شفافا؟ أعبر خلال الحيطان كعبور الهواء أو الماء. قمت، اقتربت من الحائط، بدأت فى تلمسه بدءا لعبوره، ضغطت عليه حتى انطبعت بصمة أصبعي السبابة عليه. أخرجت هاتفي النقال ذو الكاميرا ثم سجلت تلك البصمة السوداء.
علاقتي بالكاميرا ليست علاقة أزلية، هى مهنة قد تعلمتها خلال دراستي بكلية التجارة، بدأت كمساعد للمصور، أحمل له الكشاف، أوجهه للجهة التى يريد تصويرها، ألملم الأسلاك، أضع الشرائط وأخرجها من الكاميرا، أرتب مكوناتها فى الحقيبة الخاصة بها، أنظف جسمها وخاصة العدسة؛ وبالتدريج عرفت كل شئ عن الكاميرا، بل تعلمت أيضا كيف أصور بها، كيف ألتقط لقطات جميلة، مثيرة، مبهرة والأهم سعيدة ومليئة بالفرح. وبعدها بشهور عديدة من زمن تعلمى التصوير قرر المدير أن يقسم قاعة الأفراح إلى ثلاثة قاعات صغيرة. السرور والبهجة والفرح، تلك هى أسماء القاعات، لا أعمل فى واحدة منهن فقط، بل تقريبا كل يوم أعمل فى واحدة أخرى مغايرة للتى كنت أعمل بها فى اليوم السابق. ولكني أفضل البهجة فإضاءتها أفضل كثيرا من القاعات الأخرى، كما أنها الأكثر أناقة وبذخا وبالتالى فمن يقيمون بها أعراسهم هم الأكثر غنى. والأكثر غنى هم الأكثر جمالا، هكذا فهمت عندما دخلت البهجة. تحضر النساء للأفراح بأثواب السهرات العارية النحور والأكتاف والسيقان. يتمايلن مع الموسيقى الغربية وعندما تشرق يرقصن، خصور متناسقة ومتزنة كلاعب بالسيرك. وصدور وأرداف تهتز مع نقرات الطبل. تعلمت أن أصور كل هذه الكنوز. فأنا سمسم الذى يحرس مغارة الأربعين حرامى المليئة بالكنوز اللينة.

* * *



نصحني ابن عمي أن أذهب إلى الشيخ عبد الشافي، انتظرته بميدان الجيزة، اصطحبني بسيارته الفيات 128 إلى الحوامدية، انتظرنا ما يقرب من الأربع ساعات حتى حان دورنا، دفعت الخمسين جنيها – ورقة واحدة – لعفريته ثم دخلنا مغارته، حكيت له بالتفصيل عن كل ما حدث، بل وزدت على ما سردته أحداثا حدثت بعد ذلك، الوقائع التى حدثت وأنا أحتضن أبي وأمي، والواقعة التي جعلتني آتي إليه مهرولا، وهى عدم استطاعتي الإمساك بكاميرا التصوير، وتكسر عدستها عندما هوت من بين يدى. تمتم ببعض الآيات القرآنية؛ أمرني أن أضم أطرافي؛ أمسك رأسى بكلتا يديه ثم بدأ فى التمتمة مرة أخرى. لا أعرف هل يتلو قرآنا أم شيئا آخر، فتلاوته السريعة والهامسة جعلتنى لا أعرف كنه ما يتلوه فوق رأسى. إلا أنني بدأت أشعر بألم بها، وعندما أخبرته بما شعرت، ابتسم ثم قال وهو يحرك رأسه "خير.... خير إن شاء الله". قبل أن  أغادر أمرني أن أنام تحت فراشى وأن لا أنام فوقه لمدة شهر هجري كامل، أمرني أن آكل عند الصحو ملعقة كبيرة من السمن البلدي الخالص. عندما خرجنا من عنده، استقبلنا عفريته النحيف ذو الرأس الصلعاء، سألنا عن طلبات شيخه، أخبرته بما طلب، فرد على بأن طلبات شيخه من سمن بلدي لديه وأنني لن أجد سمنا بلديا خالصا أبدا فى الأسواق. اشتريت منه ما يكفيني شهرا ثم رجعت للبيت.
عادت يسرا للبيت ولكنها لم تقض به أكثر من يوم واحد، فزعت مني، فهرولت إلى جحر أمها مرة أخرى. يسرا تقريبا هى الوحيدة التي كلما حاولت لمسها أفشل. أعرف يسرا منذ..... منذ الأزل، منذ ولدت، هى ابنة خالتي التي تسكن بالقرب منا، منذ ولدت كنت أحب أن ألعب معها حتى أنني كنت أزهد فى لعب الكرة مع الأقران بالشارع، أذهب كل يوم إلى خالتي كي ألعب مع يسرا. ألعابي هى ألعابها. إخوتي هم أخوتها. أبي وأمي هم أبوها. وعندما نضجنا كان أهل الشارع كله يعرف أن يسرا لي وأنني لها. يسرا هى الحياة بالنسبة لي، فعندما تحضر يحتجب الكون، يتلاشى، يقع في بئر عميق قد جف ماء حياته. أحبها، أحب شعرها الأسود الطويل، جسدها الصغير المتناسق، فمها عندما تضحك وهى تشاهد مسرحية العيال كبرت. عينيها الرائعتين.... عينيها البديعتين..... عينيها....... أظن..... أظن أن عينيها سوداوين أو......... أو لعل لونهما بني غامق. لا يهم. ما يهم حقا أنى أعشقها، هى الحب الوحيد بحياتي، هى الحب الوحيد الذي تمنيته فنلته.

* * *



لم أشعر بأي تحسن، بل آلام قاسية بظهري وتقريبا فصلت من عملي، نصحني أحد أصدقائي أن أذهب إلى تفاريح قارئة الطالع التي تسكن فى شقة بشارع شريف بوسط البلد. هذه المرة مائة وخمسون جنيها. سألتها هل سأشفى أم لا؟ ردت أن الله أعلم. صرخت بها مستفسرا –  أصبحت عصبيا جدا، خاصة بسبب عدم قدرتي على التدخين أو المضاجعة أو حتى التصوير لمدة تزيد على الثلاثة أسابيع –. هدأت من سخطي قائلة أننى سأشفى إذا تركت عملي كمصور.
سئمت كل هذا.... نمت على فراشي. فكرت كيف أن يسرا – حبيبة القلب – لم تستطع أن تتحمل كربي، امتعضت، فبدأت تلملم حاجياتها من عقلي ثم خرجت منه عارية وآثمة. فكرت كيف أن كاميرا التصوير هى سبب شقائي هذا، فلطالما سجلت بها مناظر آثمة، صدورا فلتت فبانت، أردافا أكثر وضوحا من عريها. خلاعة تملأ كل لقطة من لقطاتي، مغارتي مليئة بالأوثان وأنا كآله على بتحطيم تلك الأوثان، بدأت فى التساؤل ماذا كان سيفعل إبراهيم أو محمد إذا حدث لهما ما حدث لي؟ هل كانا سيخرجان من منزليهما مهاجرين بينما عشرات اليسريات واقفات بالباب حاملات للسيوف؟
عادت مرة ثانية. فتحت باب الشقة يوما قبل مغيب الشمس بقليل، عدم ابتسامها جعلنى واثقا أنها قد رجعت مرغمة. رسمت انفعالا على وجهي بلون الفحم ثم أشعلت به النيران. تأففت من رائحة الشقة القميئة. اقتربت مني وهى تمشي منفرجة الساقين مستغنية عن الخطو الأنثوي. أرادت اختباري، لمستني فأصابت، أقتربت مرة أخري لمستني فأصابت، "أوحشتني"قالت وعيناها تضيق. بني غامق...... هكذا تأكدت. لم أرد،،، جلست بجوارى على حافة الفراش البارد مولية ظهرها لى؛ كم أتوق إليها، رغم عدم وقوفها بجانبي عند كربي إلا أنني مازلت أحبها، رفعت يدي أتلمس ظهرها فلم أستطع؛ كم أكره ذلك، كم أكره ضعفي أمامها، رفعت يدي مرة أخرى فلمستها. قشعريرة تملكتها. أنامل أصابعى الخمس تستكشف ظهرها، التفتت وعينيها البنيتين تلمعان بالدمع. "آسفة لأني تركتك طوال هذه المدة!"قالت، فغاصت يدي بظهرها. لم تلاحظ ما حدث، مددت يدي لا إراديا لعلبة السجائر، أخرجت سيجارة ثم بدأت فى تدخينها، عندما وعيت بفعلي هذا سقطت السيجارة فجأة من يدي. أمسكتها بسرعة ورميت بها لطفاية السجائر. أظن أننى فهمت الآن، أم ترى السمن وتركي لعملي هو الشافي؟ لا أظن... فحالتي مازالت تتقطع في الاستمرار، تلمست ظهر يسرا مرة أخرى فلمستها. أمسكت بالسيجارة فأمسكتها. قمت أخرجت الكاميرا من الدولاب فحملتها. وقفت قبالة يسرا، قلبي الرمادي لا يدق، عقلي الهش كأغصان الذهب يعيد عرض النساء المتبرجات. بدأت فى خلع ملابسي وعندما دخلت عليها حبلت.
محمد سيد عبد الرحيم

مُرسي

$
0
0



قبض على الورقة المالية الموسومة بزخارف أرابسكية بكلتا يديه وخاطب أخته يبتسم له، حاثا إياه على المغادرة وهو يتساءل فى قلبه "هل من الممكن أن يكون أبناؤهما متخلفين عقليا مثل أخيها؟"
ينصرف مرسي، مرسي ينصرف، ينصرف ليلعب، ليلعب لعبة واحدة، لعبة واحدة بخمسة وعشرون قرشا، خمسة وعشرون قرشا فقط لا غير، فقط لا غير يذهب مرسي ليلعب لعبة واحدة بخمسة وعشرون قرشا.
حائر مرسي، لا يعرف أى لعبة يريد وأيهم تنفعه، ينظر مرة أخرى للزخارف الأرابسكية ثم... ثم يدخل بيت جحا، ما أروع هذه اللعبة، المرآة المقعرة والمرآة المحدبة وألواح الزجاج المتراص كأوراق شجر فى غابة تسكنها ساحرات.
يخرج من ممر ليدخل آخر، يصطدم بلوح زجاجي فينعقد حاجباه مشكلان طريقين يعيق أحدهما الآخر، يرجع للخلف فيصطدم بلوح آخر يجعلهما أكثر انعقادا، "لا مفر"فكر.. فكر فى الرجوع والخروج من الدخول ولكنه لم يستطع أيضا، وعندما أنهك، أصيب بالدهشة التامة، فجلس على أرض اللعبة التي تجذب العين مثلما تفعل أسماك الزينة، وأسند ظهره على المرآة المقعرة مواجها المرآة المحدبة، ونام.
لم يشعر مرسي طوال الليل بالظلمة الباردة المنعكسة بأرجاء اللعبة، ولكنه أفاق فى الصباح عندما فتح حارس البيت الباب كى تدخل اللعبة أول طفلة هذا اليوم.
يروي حارس البيت: أن خروج الطفلين كان أروع منظر أبصره بحياته، فلقد خرجت الطفلة أولا ثم خرج مرسي ممسكا بيدها اليسرى بكلتا يديه، تنضج على وجهه الأمرد ابتسامة أظهرت الطرق والممرات الشاسعة التى تغتنم لها موقعا متميزا بين أسنانه اللبنية.
محمد سيد عبد الرحيم


ليلة نقل الإله

$
0
0


أوديب: لقد قتل أبوكما أباه، وتزوج أمه التى ولدته، وأنجبكما من حيث ولد هو، تلك هى الإهانات التى ستلامان عليها.. إذن.. من سيتزوجكما؟ لن يرضى بكما أحد، يا ابنتي، إنما سيكتب عليكما أن تضيعا حياتكما سدى في العقمِ والوحدةِ.
أوديب ملكا: سوفوكليس

ليلة نقل الإله



كنت اقرأ
"تُرى،
كيف تشتعل الثورة الآن
فى هذه الجنة المهزلة!"*
فجأة انتفض المنبه، كان موعد تلاقيه مع منتصف الليل... يوم جديد.. أردت أن أكمل القصيدة ولكن الرنين المزعج غشى عقلي، قمت كي أكتم الرنين وعندما عدت، كانت الصفحات قد فرت لتطالعني قصيدة أخرى
"لابد أن نطالع المرآة،
أو نصاب بالجنونِ والمقتِ"*
انتصبت إلى الحمام كي أطالع المرآة وعندما وقفت قبالتها تذكرت أنها انكسرت منذ أسبوعين فطالعني الخلاء.
عدت إلى الحجرة مرة أخرى، رفعت مرتبة السرير ثم انتشلت السكين الذي اشتريته بالأمس من العتبة، كان السكين قد ثقب قعر المرتبة فتناثرت ندفا من القطن على أرضية الحجرة الجرداء. كان السكين طويلا وحادًا، طويلٌٌ ككف حبيبتى وحادٌ كشعرة منها التصقت برابطة عنقي عند عناقنا الأخير.
أنا لست أقارن مسرورا بيسرا فشتان بين الفهم والحب، فالفهم عسير والحب يسير، الفهم أشق والحب أرق، في الفهمِ تحتاج إلى الحبِ ولكن في الحبِ لا تحتاج إلى الفهمِ، كما أن مسرورا يحب سكينه ولكن يسرا لم تفهمني أبدًا.
وقفت قبالة منزل يسرا بالدور الأرضي، قبلت بابها، وبفعلي هذا شعرت أنني أمارس طقوسا طوطمية بسبب ملامسه شفتي للكفوف المطبوعة بدم الضحية.
في الشارع تعطلتُ أمام واجهة لشركة سياحية لأطالع وجهي في المرآة، وجه مستدير، يعلو فمه شارب غير مهذب، ولحية لا تريد أن تنبت رغم البلوغ، عينان سوداوان متسعتان، ربما بسبب كوب القهوة؛ وفم مغلق....... ترى ما دلائل الجنون؟
ظننت أن فضاءات الزحام سببها مظاهرة ولكن عندما وصلت إلى ميدان رمسيس اكتشفت سبب الزحام، هم ينقلون الصنم ورجل أعمى يحتضن عوده يغنى أغنية ميتة.
لا وسائل توصلنى بأمي، لا مواصلات، حتى الأنفاق لها مواقيت، هممت بالتراجع ولكني تذكرت يسرا، لو كانت معي الآن، لكنت مشيت من ذيل النيل لرأسه.
عاتبت نفسي على التخاذل ثم بدأت طريقي بإصرار يعتزله الثبات.
لا أخاف الوحدة، لكني أخاف عبور الشوارع ولذلك أستحضر يسرا دائما، فهي التي تمسك بيدي كي تعبر بي، كما أنها هي التي تحتضنني عند ارتقائنا السلالم المتحركة. ولهذا كنت أحمل هما، وهو هم عبوري ميدان التحرير للوصول إلى شارع القصر العيني.
ولكن - حمدا لله - فاليوم يوم نقل الصنم إلى القفر، والطرق مغلقة والعربات أوقف سائقوها محركاتها بسبب إزدحام الطريق. هذا الصنم أغلقوا له كل الطرق كي يعبر وأنا أريد العبور كل يوم فأفشل.
يوما وأنا بطريقي إلى العملِ وقفتُ طويلا محاولا عبور شارع روض الفرج، وقفتُ كثيرا حتى وجدت يدا تمتد لتمسك بيدي وتعبر بي الطريق، كانت يدها ذاهبة لتكتب محاضرتها فعبرت عليّ وعبرت بي.
عندما قبضت أول راتب هجرت منزل أمي بجاردن سيتي إلى منزل صغير بشبرا، كان أملي منذ الصغر الارتحال، منذ وعيت أن أبي توفى منذ سنين طويلة وأن أمي سوف تتزوج للمرة الثالثة. كنت أظن أن الثاني هو الأول، كنت أظنه أبي حقا، فهو أكثرهم حبا لى.... وما أكثرهم!
يوما، سألتني يسرا عن عدد أزواج أمي، لم أستطع الجزم بالرقم الصحيح، فهم كثر. أولهم وأفقرهم مات وآخرهم هو الأغنى؛ أظن أن أمي في تقدم ملموس، هي تتدرج من الفقر إلى الغنى.
شوارع جاردن سيتي المظلمة خائفة كالغابة، تخاف من صياديها ولكنها تخاف أكثر من حيواناتها. حاولت تفادى الشوارع المحيطة بالسفارة الأمريكية خوفا من اكتشاف السكين المخبأ بطيات ملابسي، ألقيت السلام الكاذب على حارس البناية الزجاجية، ثم دلفتُ إلى المصعدِ.
رتبت جيدا للحدث، طلبتُ إجازة من العملِِ لمدة أسبوع قضيته في مراقبة البناية، عرفتُ متى يخرج زوج أمي ومتى يعود ومتى تغادر الخادمة ومتى تستعد أمي للولوج إلى النوم.
بالتأكيد كانت أمى تستعد للنوم حين انتفض الرنين، فتحت لى الباب الرابع مرتديه قميص نوم عار بلون التيه، قالت بفتور "أهلا يا سعيد"، طعنتها ثلاث طعنات بثديها الأيسر كصابر الرحيمي وليس كتليماخوس......
و كما توقعت... لم تنزف لبنًا بل دمًا.
 محمد سيد عبد الرحيم

* للشاعر أحمد عبد المعطى حجازى.

أقفية

$
0
0




أبله، حقا أبله. يطاح بك كورقة صفراء بلا خيوط أو قفازات سوداء. كورقة شجرة موز فقدت وزنها فسخرتها الرياح.
تقف، تراقب الأرقام، تنتظر أرقاما نادرة، العوز يرهنك، يثبتك بقادوم يزن أطنانا، تستحم في عرقك منتظرا. وحينما يحضر خلاصك، تتعلق به، تحتضنه وكأنك تبغي تقبيل جسده الحديدي، ....... ساق على السلم وساق على الخواء.
- - -
يد لزجة، رجولية، أظن أنها لذكر، ربما يكون ضخما بسبب قوتها، ربما يكون متأخرا مثلي، ربما سيخصم من راتبه نصف يوم مثلما سيخصم مني بسبب التأخير، ربما سيقبض بنهاية الشهر نصف راتبه مثلما أقبض دائما. ربما يعول ولديه وابنته. زوجته التي تعمل فى وزارة الموارد المائية تصل البيت قبله بزمن نسبي، ولكنها تلاحظ مجيئه بعد مجيئه بزمن نسبي. تتمني الخلاص من الله سبحانه وتعالى، من فخامة السيد الرئيس، من معالى الوزير أو من سيادة المحافظ.
نظرات محتكي الأتوبيس المزدرية تمزقني كلقيمات صغيرة. أرى التساؤل فى أعينهم، أين كرامتك؟ كيف تركته يصفعك على قفاك؟ هل ستتركه أم ستنتقم؟ أتنتظر اللحظة المناسبة؟ هل تنتظر لحظة ضعف لتنهال عليه؟ هل أنت بهذا الخبث أم أنك أبله؟ جسدك الفارع وشاربك الثقيل الكالح يوحيان بعنفوانك.

ملحوظة: الصفعة التى تناولتها على قفاي كانت مؤلمة بحق.
- - -
ولكن الصفعة الثانية لم تكن بهذه القسوة، وكأن قفاي قد بدأ في التعود على الصفع، أو أن يد مديري غير الشغيلة الناعمة كانت أرحم من يد الكمسري الخشنة الملطخة بالحبر الأزرق والهباب الأسود. حقا إنه لشعور رائع أن تصفع على قفاك بهذه الرقة بعد أن صفعت بهذه القسوة. لن أزيد عليكم فالصفعات كالتلغرافات، سريعة، واضحة ومؤلمة فى بعض الأحوال.
- - -



هكذا تناولت قفوين بنهار واحد.
القفا الثالث جاء متأخرا نسبيا. كنت أصطحب زوجتي وأبنائي لشراء ملابس جديدة لهم. كنت أسير بميدان العتبة حاملا لفائف عدة عندما سمعت صوت اختراق اليد للهواء قبل صوت ارتطامها على سطح قفاي، تماما كرؤية البرق قبل سماع رعده. هذه المرة أدمت لساني. كانت قوية، حازمة، مسيطرة ومفاجئة، حتى أنني كدت أقع. أغمضت عيني قسرا وعندما فتحتهما كان الميدان الصاخب قد سكن.
حاولت تخيله، يجب أن يكون ضخما، ربما ستون ذراعا مثلما قرأت بكتب التفسير، أو ربما هم كثر قد اجتمعوا على قفاي. ربما لاحظوا احمراره بسبب صفعتي الصباح فتبينوا القابلية. ربما قد صدر قانونا جديدا يحتم صفع القفا ثلاث مرات يوميا لكل مواطن. هل ستكون الصفعات عشوائية، متباينة في الزمان والمكان والصافعين؟ هل ستكون مثل الوجبات، صباحا وظهرا ومساء أم مثل الصلوات فجرا وعصرا وعشاء؟ هل ستثبت الأماكن التي صفعت فيها؟ في الأتوبيس، في العمل وفي ميدان العتبة؟ أفضل أن تكون ثابتة كي أتوقع حدوثها، سيستوجب علي ادخار بعض المال إذن كي أشترى واق للقفا، وربما أضطر إلي تغييره كل بضعة أشهر. هل سيستثنون النساء والأطفال؟ وماذا عن الذين سافروا خارج البلاد لبضعة أشهر؟ هل سيسقط حقهم في الصفعات أم أنهم سينالون حقهم بأثر لاحق؟
- - -
عندما أفقت رأيت النجوم النحاسية، لملمت حاجياتى الحية وغير الحية وتوليت. لم أجرؤ على الالتفات فتكفينى نجمة واحدة، بل شريط واحد كي أقنع بغطاء فراشي. حقا لم أجرؤ، لم أجرؤ حتي علي النظر إلي وجه زوجتي التي كانت تحدق في النجوم النحاسية وابتسامه ساخرة تحاول الإفلات من شدقيها.
حقا لم أجرؤ.
محمد سيد عبد الرحيم


خارج التاريخ

$
0
0




ديباجة:
رب يسر برحمتك على قطيعك الذى اخترته لترعاه.
"أين عصا الرب؟ أين؟"

الحياة/ القبر.
الحياة قبور مثل هذا القبر، فالإنسان يولد فى قبر، لا يستطيع الخروج منه إلا عندما يكبر وتطول قامته، عندها/ حينها يخرج فينبش قبرًا آخر وبالثرى الذى أخرجه من القبر الثانى يردم به القبر الأول وهكذا؛ حتى آخر قبر ينبشه، يتمدد فيه أبدًا.

السرد/ الصبر/الملل.
"جعلونى نابشًا للقبور"آسف، نسيت أن أعرفك باسمى، فاسمى مهم جدًا هنا، كل بضع دقائق أسأل عنه، اسمى هو "إسرائيل الحادى عشر"وأرجو أن تكون صبورًا وأن لا يكون سردى مملاً لأنى... "أنا وحدى نجوت لأخبرك".

نعيق أول:وبه ما تعلمته.
النساء تبكى والعجائز ينحن والأطفال يتضرعن والصبايا يجزعن ونحن "إسرائيل"نرثى حالنا.
قالت امرأتى "سارة الحادية عشر"لتطيب عن القطيع "الرب يقاتل عنا ونحن صامتين".
تتواتر <و> تتداعى الأحداث بمخيلتى المثقوبة. فأتذكر امرأة "إسرائيل الثانى عشر""سارة الثانية عشر"تقول "الرب يقاتل عنا ونحن صامتين".
ولكن شدد الرب قلب "هتلر"فلم يطلق "إسرائيل". فتعلمنا على يديه/ جنوده الخزى مثلما تعلم قابيل الدفن، فدائمًا ما يحلق غراب كالح فى الأفق.

 نعيق ثان:وبه ندف مما صار لـ"سارة الأولى"امرأة "إسرائيل الأول"وأم "إسرائيل الثانى عشر".

 ليلاً، فى مخيمات الوباء –كما أطلقنا عليها– سمعت من أنصاف الغافلين والغافلين أنباء عن كيفية موت "سارة الأولى". بعد الثناء على روعة منظرها، وخفة حضرتها وأصالة سبطها؛ قالوا: 
     أولاً: بعد أن اغتصب شرفها وعزتها، قتلها جنرال ألمانى بإدخال ماسورة بندقيته فى برزخ عفتها. فماتت.
    ثانيًا: أخذها جنرال ألمانى كى تخدم فى منزله، فغارت امرأته من خلابة جسدها وشعرها، فحلقت لها شعر رأسها البنى ثم قطعت ثدييها بذات المقص ثم تركتها لتنزف. فماتت.
     ثالثًا: اختيرت لكمال جسدها كفأر تجارب، فقد كان طبيب ألمانى يحاول تعلم كيفية استئصال الأورام من المخ، فلم يجد فضلاً منها لرجاحة عقلها وسموه... فماتت.

نعيق ثالث:وبه مفردات لغو/ لغة الهمس.
يهمس "إسرائيل الثانى عشر"بأذنى "قتلوا إسرائيل السابع""قتلوا إسرائيل الثامن""قتلوا إسرائيل العاشر"يهمس "إسرائيل التاسع"بأذنى "قتلوا إسرائيل الثانى عشر".
ضيق ووجع كالمخاض يؤلمنى، "سارة الثانية عشر"رملت وقبلها ثكلت وقبلها يتمت.
فمن أجل اسمى أسربل بالعار ومن أجل دينى أمنى بالموت. أنبش قبر شخص لا أعرفه، ربما رأيته من قبل وربما لا، لا أستطيع تمييز رسمه، فقط برودة ورطوبة كعرق الخوف ملمسه. رأسه المستكينة على حفنة من تراب أورشاليم تتشتت عندما أضمها بقبضتى الواهنة، فأخرج الشتات من القبر وأضعها فى محفة يمسكها طفلان ، يهرولان بها يحركهما الخوف ويداعبهما الأمل... إلى المحرقة.
أتساءل وبقلبى شغف إلى النور الإلهى "هل سينتهى هذا بعدم وجود ناج أو باق منى؟"فالخفيف لا ينوص والبطل لا يبقى والكاهن لا ينجو.
أخيرًا أقول أيها المستمع المنفرد، ويا أيها الفرد المنتظر، أقول: إن اسمى كان قبل أن أضع الشارة الزرقاء على ذراعى الأيمن هو "يعقوب".

مرسي وكوكب القرود

$
0
0





يبدو أن ذاكرة الرئيس محمد مرسي جد ضعيفة، فلقد نسى أحداث فيلم "كوكب القرود"الذي أحال إليه مؤخرا بحواره مع مجلة "التايم"الأمريكية حتى يوضح قراراته الأخيرة بشكل خاص وطريقة إدارته للبلاد بشكل عام!
زحف النسيان أيضا على عقل السيد الرئيس حتى نسى الانجليزية رغم أنه عاش لسنوات عدة بالولايات المتحدة أثناء حصوله على درجة الدكتوراه. يتضح ذلك من اللغة الانجليزية الضعيفة التي أصر على إجراء الحوار بها، حيث أنه لم يستطع أن يعبر عن أفكاره بشكل واضح وسلس بشهادة محرري مجلة "التايم"و"الواشنطون بوست"!
تحدث الرئيس عن فيلم كوكب القرود وعن القرد الكبير "رئيس المحكمة العليا"والقرد "العالم"والإنسان الذي أباد نفسه.
ويتضح من إحالة الرئيس، أنه يقارن بين كوكب القرود وعصر ما بعد الثورة المصرية بينما يقارن العصر الذي ساد فيه الإنسان بالفيلم بما قبل الثورة.
ليست المعضلة في أنه شبه نفسه بالقرد أو أنه قد شبه رئيس المحكمة الدستورية والنائب العام أو حتى الشعب المصري بالقرود، فهذا مجرد رمز نستطيع أن نتفهمه. ولكن المشكلة في أنه يرى أن الفيلم يقول أن عصر القرود أفضل وأسمى من عصر الإنسان!
فيلم "كوكب القرود" 1968 يعتبر من كلاسيكيات السينما الأمريكية وهو مأخوذ عن رواية للكاتب الفرنسي بيير باول وإخراج فرانكلين شافتر الذي اخرج فيلما شديد السخرية عن قائد حربي أمريكي بالحرب العالمية الثانية لا يهتم بحياة أي جندي طالما يحظى بالنصر (الشخصي) بمعاركه.
إن رواية/ فيلم "كوكب القرود"يرمز إلى الحرب العالمية الثانية التي عاني منها العالم كله وفرنسا بشكل خاص. يتحدث الفيلم عن الحرب التي كادت أن تدمر العالم والإنسانية وعن العنصرية الفاشية الاستبدادية التي جعلت هتلر وموسوليني يرون في الأجناس والأنواع البشرية المغايرة كائنات متدنية عن جنسهما ويتحدث أيضا عن إنسان ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي ظل غير مهتما بحقوق أقرانه من بني آدم أو المخلوقات الأخرى.
يرى الرئيس نفسه قردا، لا يهم! المهم هو أنه يرى أن القرود كانوا على حق دائما وأن الإنسان هو المخطئ الوحيد. نحن لا نعرف بالتحديد من يقصد بالإنسان، لكننا نعتقد أنه يحيل إلى إحدى/ أو كل المؤسسات التي فسدت أثناء النظام السابق والتي استمر وجودها لما بعد الثورة.
لكن الرئيس قد أغفل (بقصد أو بدون) المعنى الرئيسي للفيلم وهو أن مصير القرود هو ذاته مصير الإنسان الذي يرى نفسه مركزا للكون حيث لا يهتم بالمخلوقات الأخرى فيدمرها ويدمر نفسه ولو بعد حين. فديكورات وملابس الفيلم وأسماء الشخصيات تحيلنا إلى عصر اليونان الذين وصل بهم التقدم الفكري إلى مدى بعيد لكنهم كانوا، من ناحية أخرى، يرون كل من ليس بيوناني "بربري"، أي شخص همجي متدني الدرجة، وهو ما أودى بهم في النهاية إلى الزوال وبزوغ نجم الرومان بدلا منهم.
ويتضح ذلك أيضا كمثال في نص البند الثاني من دستور القرود بالفيلم الذي يقول "لقد صور الإلهُ القردَ على صورته وأعطاه من روحه وعقله دونا عن بقية المخلوقات."وأيضا في قول "وكيل النيابة القرد"أثناء محاكمة الإنسي "ليس لهذا الرجل أي حقوق بدستور القرود لأنه ليس بقرد"!
ورغم أنه ليس له حقوق في هذا الدستور العنصري إلا أنه سيتم محاكمته واتهامه وقتله ولكن قبل كل ذلك ستقوم المحكمة القردية بما هو أبشع، فلن تصغي له أو تعترف به ككائن متطور قادر على التفكير.
يغفل الرئيس أن ما يمارسه هو وقروده (جماعته) من مركزية سياسية وفكرية اقصائية سيؤدي به وبهم إلى نفس المصير الذي وصل إليه مبارك ونظامه. ولذا، فعلى الرئيس أن يدرك أن استمراره بالحكم يعتمد على اعترافه بالآخر وتقديره لفكره وأن انغلاق الجماعة على ذاتها وعدم تطورها جدليا evolutionسيؤدي حتما إلى ثورة (r)evolutionجديدة تطيح بالجماعة مثلما أطاحت ثورات أخرى بنظم استبدادية أعتى على مدار التاريخ.

كاكي

$
0
0




     -"اقتلنى!"
وجهتُ البندقية بسرعة إلى مصدر الصوت، ثم نظرت.. قابلني اللون الكاكى المقزز ولكنه كان هذه المرة ملطخًا بالدماء. وجه مُحدِّثى أعرفه، أراه بين الحين والآخر بكتيبتى.
-"اقتلنى!". لفظها مرة أخرى، ولكن هذه المرة بصوتٍ أشد انخفاضًا وبعينين "يملؤهما الخوف والرعب". أردت أن أسأله ماذا حدث؟ لكنى رأيت بقعة داكنة فوق خاصرته، وعندما أمعنت النظر رأيت.. رأيت أمعاءه تهرب ببطء من بطنه. وحينها فقط أدركت وتبينت.
-"لا أستطيع!".. لفظتها وجسدى الممشوق يستجيب لنسمة ريح.
-"اقتلنى!"
-"الأوامر أن أقتل الأعداء فقط". همست كأنى أكلم أعماق ذاتى وعقلى يتخيلنى وأنا أوجه بندقيتى إلى...
-"اقتلنى".. سعل بشدة، فخرجت زخة دماء من فمه وزخة أكثر اندفاعًا من بطنه. نظرت إلى السماء مستجديًا بعينين "يملؤهما الخوف والرعب"، وسألت الله: "كيف أقتله، وأنا لم أقتل أى شخص من قبل، فكيف يكون أول شخص منى وليس عدوى؟"
وجهت البندقية وأطلقت.. لم أسمع صوتًا، وعندما انزاح الضباب الذى غيم على عقلى، رأيته يهمس "اقتلنى".. يا لشقائى قبل شقائه! الماء الملح أفسد سلاحى وأنا أعبر القناة. خلعت حزامى القماشى الكاكى.. طوقت رقبته به... ثم خنقته.

ايش - كاكي (سيناريو فيلم قصير)

$
0
0



  
التتر بينزل على خلفية صفراء

م1/ ن.خ
صحراء
للسماء وهي صافية

للسماء وهي بها بعض السحب

للسماء وهي ملئ بالسحب

للصحراء

للكثبان الرملية

لتل عال

لرمال تتطاير

لمنخفض في الصحراء

لشجرة جافة وحيدة وسط الصحراء






يكتب علي الشاشة
صحراء سيناء  7 يونيو 1967
م2/ ن.خ
صحراء
للرجل الأول يمشي وسط الصحراء

بزاوية منخفضة تظهر صعوبة تحركه وعطشه واجهاده والسلاح المتدلي منه.

يجر رجليه على رمال الصحراء

لحبات العرق على وجهه ورقبته

من خلفه وهو يطلع تل

من أمامه يطلع فوق التل فيظهر تدريجيا
ثم يقف فجأة متحفزا فيرفع سلاحه

للرجل الثاني ممدد على الأرض، يخرج الدم من بطنه وهو يضع يده على الجرح وهو ممد في حفرة

للرجل الثاني تظهر فرحة في عينيه لأنه وجد شحصا اخيرا

لبندقية ملقاة بجانب الرجل الثاني

للرجل الثاني

للرجل الأول والذهول يملأ عينيه، فهو لا يعرف ما الذي حدث هنا

للرجل الأول يقترب من الرجل الثاني حتى يحاول ايقاف الدماء.

للرجل الثاني يشير بيده علامة على ايقاف الرجل الأول


للرجل الأول



للرجل الثاني

للرجل الثاني يكح فيها دما بعد انتهاءه من الرجاء

للرجل الأول





للرجل الثاني


لرجل الأول

للرجل الثاني يبتسم فيها باجهاد

لبندقية الرجل الثاني ملقاه بجانبه


لفم الرجل الثاني وهو يكح دما(صوت الكحة)

للرجل الأول وهو صامت ومنتبه

لفم الثاني

لوجه الرجل الأول والكلمة تتردد في عقله

للرجل الأول وهو يرفع بندقيته ويده تهتز

لفوهة البندقية

لأصبع الرجل الأول وهو يدوس على الزناد

لعينا الرجل الأول وهما مغمضتان ثم يفتحهما ببطء

للرجل الثاني وهو يدمع

للدموع تسيل من عينيه

للرجل الثاني يرفع يده من فوق الجرح وهي ملطخة تماما بالدم، ينظر لها ثم يجعل الرجل الثاني يراها

للرجل الأول وهو ينظر للرجل الثاني ثم وهو ينظر إلى بندقيته ثم يرميها بجانب بندقية الثاني

للدم يسيل من جانب فم الثاني ليختلط مع دموعه التي تنهمر من عينيه

للرجل الأول يخلع فيها حزامه

وهو يقترب من الثاني

للرجل الأول يحيط عنق الرجل الثاني بالحزام ثم يخنقه

للرجل الثاني وهو مستسلم تماما للرجل
الأول حتى يخيل للمشاهد أنه قد مات فعلا قبل حتى أن يقترب منه

Fade out to yellow
صوت رياح




صوت جر رجليه مع الرمال

صوت أنفاسه المتلاحقة




صوت رفع السلاح

صوت أنين الرجل الثاني








(بصوت ضعيف) اخيرا




متتكلمش.. متتعبش نفسك


آه..لا لا.. متحاولش.. (فترة صمت).. أنا كده كده ميت.. متحاولش


لا.. متجبش سيرة الموت.. هم.. هم أكيد هيلحقونا.. أكيد.. مش كده؟؟ مش هم هيلحقونا؟؟ صح؟

و.. و حتى لو لحقونا.. ساعتها.... أوه.. أرجوك.. أقتلني وخلصني. آه



اقتلك.. اقتلك ازاي.. لا.. لا مقدرش.. مقدرش.. مقدرش اقتلك.. أنت.. أنت عارف كويس أن الأوامر بتقول أني اقتل العدو بس. وانت مش عدو. أنت معايا.. انت.. انت معانا

خلصني.. ارجوك.. اقتلني
صوت كحة الرجل الثاني

بس أنا.. بس انا
بس أنا مقتلتش حد قبل كده
صوت ضحكة خافتة من الرجل الثاني
محدش فينا قتل حد.. حتى لما حاولت.. لقيت السلاح خربان
اصلي مضربتش بيه قبل كده

اقتلني.. اقتلني.. اقتلني..(صدي صوت لكلمة اقتلني)








صوت رفع البندقية



صوت تكة الزناد

صوت رياح



أرجوك.. أرجوك.. اقتلني..

موسيقى






صوت وقوع البندقية على الرمال



الموسيقى ترتفع





يصرخ الرجل الأول
م3/ ن.خ
صحراء
Fade in from yellow

للتل ورجل ثالث أجنبي يظهر من خلفها تدريجيا وفجأة يرفع سلاحه ثم ينزله مرة أخري بسرعة

من خلف كتفه يقترب من جثة حول عنقها حزام، يقلب الجثة على ظهرها حتي يرى شكله فنجد الرجل الأول

Fade out to yellow


صوت رياح

صوت رفع السلاح


صوت قلبه للجثة
م4/ ن.خ
صحراء
Fade in from yellow

للرجل الأول يقف فجأة ثم يرفع سلاحه ثم ينزل سلاحه مرة أخري ثم يقترب من مكان به حفرة ثم يقف فجأة ثم ينظر حول الحفرة













يرفع بندقيته

ينظر إلى البندقية ثم يرميها بجانب الحفرة

يخلع حزامه، يمشي إلى الحفرة التي كان ينظر إليها. يلف الحزام حول عنقه ثم يشده ليخنق نفسه

Fade out to yellow


صوت رفع السلاح ونزوله

متتكلمش.. متتعبش نفسك

لا.. متجبش سيرة الموت.. هم.. هم أكيد هيلحقونا.. أكيد.. مش كده؟؟ مش هم هيلحقونا؟؟ صح؟

اقتلك.. اقتلك ازاي.. لا.. لا مقدرش.. مقدرش.. مقدرش اقتلك.. أنت.. أنت عارف كويس أن الأوامر بتقول أني اقتل العدو بس. وانت مش عدو. أنت معايا.. انت.. انت معانا

بس أنا.. بس انا
بس أنا مقتلتش حد قبل كده



صوت وقوع البندقية على الرمال




نفس الصرخة التي صرخها من قبل
م5/ ن.خ
صحراء
Fade in from yellow

لسلاح واحد فقط ثم يد الرجل الأجني تأخذ السلاح.

للرجل الأجنبي من خلفه وهو يمسك بسلاحين مدلدلين من اليمين واليسار
وهو يحرك رأسه وكتفيه مع اللحن

بان رأسي حتى يظهر وجه الرجل الأول ميتا والرجل الأجنبي في خلفية الكادر يبتعد

Fade out to yellow

ينزل التتر على خلفية صفراء


صوت رفع السلاح من الأرض


يصفر بلحن عربي شهير

كبرياء وامتعاض

$
0
0



وبعد أن تلمست مياه الشاطئ لفترة طويلة، بدأت أخوضه رويدا رويدا متحسسا بأطراف أصابع قدماي رمال قاعه ورافعا ذراعاي المتآكلان حتى إبطاي كي أزن نفسي بالماء المالح صاخب الموج. كان الشاطئ مكتظا والبحر شبه خالي. تجلس على الشاطئ الرملي مستظلة بقبعة ومن فوقها "شمسية". تستمع إلى "يا أخضر حلو"وتقرأ كتابا عن دور "حزب الله"في إجبار إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان. لمحتني بعينيها التي لم أستطع تحديد لونهما أبدا. رمت ما بيدها من أحداث بالرمال التي تبتلع كل شيء ووقفت لتعدل من مظهرها ثم بدأت تخوض البحر مقتربة مني حتى حاذتني. قالت أنها لا تجيد السباحة ورغم ذلك تريد الخوض بالبحر. أخبرتها عن التقنيات التي ورثتها وتتبعتها كي لا أغرق فتعلقت بعنقي ولفت ساقيها حول خصري حتى ألتصق ثدياها الممتلئين بثديي النافرين من طول مكوثي بالماء. طوقتها بيدي فقبلتني فتزحلقت قدماي وكدت أقع بالحمل الثقيل فانفرطت عجيزتها من بين يداي. علمتها السباحة والحذر لكن اشتياقها للبحر وطول انتظارها على الشاطئ جعلها لا تهتم بقواعدي النظامية. تعدتني فجأة رغم أوامري الاستبدادية ورفعت يدها هازئة بالتحية العسكرية ثم خاضت أكثر فأكثر فأكثر وهي تخلع قطعة قطعة من ملابسها التي تناثرت عائمة حولي حتى أمست عارية سوى من وشم صغير بمؤخرة ظهرها على شكل زهرة زرقاء أو هكذا ظننت بسبب لون الماء أو ربما لون الزهرة هو الذي صبغ لون البحر بهذا الأزرق اللازوردي كشريان تجري به دماء ملكية. كانت تتباهي بكمال عريها كأهل فينوس وهي تنظر لي بطرف عينيها السعيدتين متفحصة أثر عريها علي. كنت أحيانا أراها وأحيانا تغيب عن عيني كعروس البحر. أحيانا أضطر أن أشب على أطراف أصابعي أو أقفز بالهواء حتى أقترب أكثر من السماء - التي تعكس البحر - كي أراها فألمحها تغوص وتطفو المرة تلو المرة تلو المرة كالعنقاء. تعافر بذراعيها وساقيها بكل قوتها، لكن البحر قاس لا يتوانى ولا يتمهل. أسمع صوتها بين الحين والآخر - من بين صوت كحتها أو بصقها - ينادي علي داعيا إياي للاقتراب أو لاعنا إياي بسبب البعد فيتراوح ميلي إليها بين كبرياء وامتعاض المعلم. بعد فترة بدأت أفكر أنني كنت مخطئا وأن أفكارى المتوارثة وما تعلمته لسنوات طويلة قد يكون زائفا وأن الحق هي ما قامت به – هي ومن قلدونها من بعدها - من خوض البحر بلا أي مقدمات أو احتساب للنتائج. كنت أفكر لماذا خضت البحر في البدء وأنا أتلمس جسدي الذي تآكلت بشرته من أثر الماء. ما الهدف الذي كنت أريد الوصول إليه، هل هو البحر ذاته أم الأفق الجامع بين البحر والسماء أم شيء غير مرئي ولكن يمكن الشعور به أو حدسه؟ ثم رأيت ساقيها الممتلئتين الملفوفتين وكأنها تلعب فتسألت وما هو هدفها الذي تسعى إليه بكل همة وحبور وبلا استنباط لتعاليمي أو استقراء لتجربتي؟ نظرت خلفي لأجد أن ما قطعته هي بيوم واحد أضعاف أضعاف ما قطعته بمئات السنين ففهمت أن رؤيتي للطريق تتضح حينما يوجد آخر! كانت السحب قد أظلتها بدلا مني فدفعني ذلك أكثر على خلع ملابسي التي طفت منسجمة مع ملابسها لأخوض البحر بسرعة وحمق ولكن باتزان لم أتوقعه أو أستوعبه يوما، فبدأ جسدي يتحرر رويدا رويدا - بعدما غابت الرهبة - كتحرر هذه السحب من ثقلها عبر هطول قطرات المطر علي وعليها.

محمد سيد عبد الرحيم

في انتظار الغمام اللزج الذي تجلبه الريح الغربية

$
0
0



ديباجة مطولة: اسحب سيفك... واحكِ.


وبعد نسج حكاياتهم؛ حكيت لهم حكاية كنت قد ألفت سماعها، وبها من المحاسن والفوائد ما يغني الأعمى عن سؤال الجاهل رديء العقل: (ذكر والله أعلم أنه) كان يوجد حاكم ظالم، حكم بلادنا لفترة طويلة حتى ساد الظلم والفساد والقبح، فلم يعد العدل والحق له مقام ومسكن، أمسى الظلم هو الأصل بينما العدل هو الفرع، ولم تعد بطانة وهيلمان الملك ذي الوجه المنحوت كمساخيط الصحراء فقط نموذجًا له، بل أصبح الجميع يبغي أن يكون من هذه البطانة ومن هذا الهيلمان؛ ولذ اتبعوا ذات المنهاج، ففسدوا في الأرض وخربوها وظلموا من لم يستطع أن يظلم أو يفسد. وكان بهذه البلاد وعلى أطراف حدودها الغربية شيخ زاهد معتزل يحب الحكمة الإلهية ويؤلف النظم وينسخ المصحف بخط يده كل بضع سنين؛ ورغم سعة معرفته وتبحره في علم الله الزاخر إلا أنه لم يكن له تلاميذ أو مريدين لعلمه ومعرفته. كان هذا الشيخ الواهن أسفع الخدين يسكن بكوخ صغير يحيطه بستان قد غرس بيده كل زهرة زرقاء به. ويومًا، خرج الملك في رحلة صيد، فهرب منه غزال يميل إلى الضمور واحتمى بالغابة التي كان يسكن بها الشيخ، فأمر الملك جنوده بقلع أشجار الغابة ونخيل البستان حتى يتسنى له متابعة صيد الغزال المهيب من فوق صهوة جواده. وعندما وقف الشيخ لخدم الملك رافضًا قلع أشجار أخته الغابة، غضب الملك وشخر وسب إساف ونائلة، ثم أمر بقلع عين الشيخ اليمنى وحرق لسانه وحبسه في سجنه الذي كان يدعوه الشطار بسجن جبل يزيد، وأيضًا أمر بتجريده من كتبه ومصاحفه المنسوخة، فقط تركوا له عصًا قد ورثها عن الأجداد ونطاق لأمه مصبوغ بلون ماء النيل و خاتم علي شكل قلب ونمرقة قد نسج خيوطها بيده زرقاء العروق. ولقد كان محبوسًا في ذات السجن فتى ذو أعين حمراء وخد كالشمع، كان قد تعلم العزف على آلة تسمى الجيتارة قد جلبها قسيس رومي، وقد كان يخص الملك هذا الفتى بمنادمته ومجالسته حتى غضب عليه بسبب ظهور فحولته وتقرب الجواري ونساء الملك إليه. وعندما عرف الفتى من يكون هذا الشيخ وما جرى له طلب منه نظمًا في مدح الحضرة الإلهية ومدح رسول الله بعد أن حكى للشيخ قصته من أولها إلى آخرها، فقدح الشيخ زناد خياله و نظم له ما ابتغاه، فتناول الفتي تلك النظم المنسوخة بسبب عجمة الشيخ، وضرب على آلته المستجلبة، ثم أنشدها للملك مادحًا بها حضرته السلطانية. فطرب الملك مما سمعه وأعتقه من حبسه وعفا عن هناته وأهوائه، وبعدها بأربعين يوم وأربعين ليلة شمسية اشتدت الريح الغربية وهجم الروم على البلاد من ناحية السهل الجديد واستولوا عليها، وولوا الفتى الخصي عوضًا عن الملك العقيم، فأمسى في غضون يوم وليلته رأسًا لا ذنبًا. هذا ما كان من أمر الفتى (وأما) ما كان من أمر الشيخ فقد نسخ المصحف بخط يده على جلد النوق ثمانية مرات.
محمد سيد عبد الرحيم

عن السعادة الأبدية

$
0
0



إهداء إلى ياسر عبد الفتاح.

عن السعادة الأبدية

نوَّهت المذيعة عن كلمة للغول (عمر سليمان)، إلا إنَّني لم أستطع أن أسمع من خطابه الأعجمي المدموج أو من تقديم المذيعة له سوى "رئاسة الجمهورية""الرئيس حسني مبارك""رئيس الجمهورية""مجلس القوات المسلحة". وبعد انتهاء الخطاب لم يتوقف التهليل حتى وصلتُ البيت، وربما لم ينتهِ حتى الآن.
يومها، ولأول مرة، رأيت حبيبي مبتسمًا وضاحكًا ومقهقهًا على أي تعليق، ولأول مرة يُقبلني، ولأول مرة يحتضنني بدفء يشع من جسده ليتملك جسدي، ولأول مرة أشعر أنني سلطانة الدنيا، وأن العالم آمن رغم كل هذا الكم من الناس الذين لا يريدون أن يعودوا لبيوتهم. يومها شعرت أنني أستطيع أن أنجب منه قبيلة مثلما تقول إحدى القصائد.
"ثورة ثورة حتى النصر.. ثورة بكل شوارع مصر"
بعد يوم طويل غزير الأحداث والوقائع، وبعد إحصاء الثواني والخطوات التي قطعناها تجاه الهدف، بدأت الجموع تخترق الميدان. كانت أصوات المفرقعات والطلقات مستمرة، ولكن ومع استمرارها منذ أكثر من سبع ساعات، لم يعد الناس يعبؤون بها، بل كانوا فقط يهتمون بالبحث عن أماكن تؤويهم من البرد الذي يكاد يقطم المسمار. كانوا ينبشون أيضًا كل شبر محيط بهم بحثًا عن أطعمة تملأ بطونهم وتعيد لهم نشاطهم الذي تم استنفاده بسبب الكر والفر المتواصل منذ خروج المصلين من المساجد والجوامع والزوايا والبيوت والمقاهي.
دُفعت قهرًا إلى شارع طلعت حرب. مشيت بصعوبة وسط الناس حتى وصلت إلى ميدان الباشا، كان التمثال شامخًا تمامًا كتمثال القائد سعد زغلول الذي استقبلنا بظهره وأشار إلينا بأن نستمر بهذا الاتجاه. كان الصبية يتسلقون التمثال القاتم والمرتفع كأهيف بمجتمع أزعر ممتطين إياه وهم يلفون وجوههم بقطع من القماش اتقاء للغاز الذي كان يعبق المنطقة ويخلق سحابات تتلقفها الريح الجائعة كلما علت فوق الأبنية الفرنسية والبلجيكية. كان أحدهم يجلس على أكتاف الباشا كـ(سمعان العمودي) ولكن باهتمام أكثر للعالم. أيضًا لم يُبدِ الباشا أي اهتمام بالصبية، فلم يغير من وقفته المتحاملة على قدمه اليمنى. كان بعالم آخر مفارق لنا رغم النظرة الجانبية التي لمحتها لمرة واحدة فقط. كان ثابتًا كعجوز واقف بحفل زفاف ورداء الكبرياء يغطي وجهه بينما الشبان يرقصون ويغنون ويهللون بنزق.
تأخر الوقت جعلني أنهي تأملي للتمثال الكابي، مغادرة إياه إلى البيت حتى لا أعذب أمي التي بالتأكيد كانت تتابع الأخبار مستيقنة من موتي الذي لم أكن مقتنعة بحدوثه يومًا من جراء ما أمارسه. كنت مقتنعة تمام الاقتناع أنني رغم سيري وتنظيمي للمظاهرات وكتابة المنشورات وتوقيع التضامنات والتنديدات والكتابة عن وضد الفساد والظلم والفقر والعولمة والاستعمار، وكل ما قالوا لي عنه أنه شيء سيء، أنني في نهاية الأمر سأموت على فراشي، ليس كما مات خالد بن الوليد بل وبلا أي جروح بجسدي، والأفدح من ذلك أني سأموت بلا أي جدوى وبلا أي تغيير حقيقي. كنت مقتنعة تمامًا أن حياتي هي مجرد دائرة مفرغة كالدوائر الناتجة عن قعر زجاجات البيرة المشبعة ببخار الماء، أو كالدوائر التي لا تحيد عنها خيول السيرك لتسلية جمهور الأطفال البالغين. هذا التشاؤم الذي يقترب من العبثية هو نفسه الذي كان يدفعني دائمًا إلى القيام بدوري بأقصى ما أستطيع، وهو نفسه الذي كان يجعلني أعتزل الحياة والناس قابعة في حجرتي لأسمع موسيقاي المفضلة الصاخبة، ولأرسم وجوهًا متسعة العيون لأناس فضائيين.
خلت عاصمة جهنم من الزبانية، وحل محلها العماء والصدفة، بينما الجميع يمارس ما كانوا يحلمون به وما تعلموه من مشاهدة الأفلام الهوليودية عن كيف يتعاملون مع الكوارث، أو بالأحرى كيف يستغلون الكارثة ليخرجوا على القانون أو ليتحرروا من القهر. كنت أسير بحذر دائم بكل مكان، مصطحبة للناس الذين يتعلمون خطوتهم الأولى بعِلم ملكية الشارع. وصلت إلى الميدان مع حبيبي الذي كانت عيناي تقومان بوظيفة عينه اليسرى. كدت أخبره عن علاقتي بالتمثال الذي أصبح عملًا فنيًّا حداثيًّا بعدما كتب وألصق عليه المتظاهرين شعاراتهم، لكنني لم أصرح له بشيء من ذلك. لا أعرف هل خفت من رد فعله الذي من الممكن أن يصاحبه سخرية ما، أم فضلت أن أُبقي علاقتي الخاصة مع حرب في سرية وكتمان. كان الميدان الأصغر يموج بمسيرة تجوب شوارع وسط البلد وقد انبثقت وسوف تعود إلى الميدان الأكبر. فكرت أنه من الأفضل أن أترك كل منهما غير مدرك لوجود الآخر. حبيبي لن يدرك شيئًا طالما لم أخبره والباشا لن يعرف شيئًا بالضرورة لأنه غير واع بشيء. ولكن ماذا عن نظرته الجانبية التي لاحظتها من قبل. هل هو بالفعل غير واع أم أنه يعي وجودي واهتمامي؟ وكيف يكون واعيًا بي وهو ليس بموجود بالفعل؟! بل مجرد تمثال صخري في ميدان يموج باللحم؟!
قليلًا ما أراه مغمورًا بالشمس. كثيرًا ما أجده منزويًا بسبب البنايات التي تحيط به من كل جانب. لاحظت كتفيه المضمومتين بسبب قرب كفيه اللذين يمسكان باكتتابات الشعب وحركة قدميه الجامدتين ووقفته الثابتة والمتطلعة والمتحاملة. كانت قدماه كبيرتين قليلًا، فكرت. حجمه الضخم جعلني أثق به أكثر. حدثته عن ما وصل إليه الأمر. عن انقلاب الأمور. عن أنهم سخروا منا بعد كل التضحيات التي قمنا بها. عن أننا مازلنا نتحلى بشجاعة فائقة، وأنني أخاف أن تخفت هذه الشجاعة عن قريب جراء اليأس قبل القهر. عن أنهم يريدون أن يكوشوا على كل شيء، وأننا أصبحنا -بسبب تهافتنا- نرضى بأي شيء؛ حتى ولو صورة مع الجنرال الذي يشبه الحوت الأبيض أو اجتماعًا مع صغار أعوانه الذين يتبوَّلون في أذاننا. عن وعن وعن..
سألته متى سننجح؟ متى سنستطيع أن نحقق ما نبغيه؟ وهل علينا أن نستمر في النضال إلى الأبد أم أنه بلحظة ما سوف تنفرج المأساة وتنجح مساعينا؟ أم أنه علينا أن نستمر في تعلم اللعبة عبر الخسارة حتى نتقنها مثلهم فنهزمهم ونحل محلهم فنمسي أفضل/أسوأ منهم؟
تفكيري بالطرح الأخير جعل عينيَّ تدمعان. ورغم محاولتي لوقف الدموع عبر إغماض عينيّ ورفع وجنتيّ إلا أنّ الدموع انبثقت من محجري ولم ترضَ أن تنبثق من أطراف عينيّ رفضًا للتخفي. أحيانًا أحمد الله أنَّه لا يرى جيدًا بسبب عينه المفقودة، وأحيانا أخرى أغبطه على ذلك. قلت لنفسي مخبرة إياه: "صدقني يا حبيبي، الحياة ملئى بالقذى القادر على إيذاء روحك أكثر من إيذاء عينيك". في هذه اللحظة ضم يديه ودعك عينيه ثم أخرج زجاجة القطرة الصغيرة ثم وضع نقطة واحدة ليصبح مثلي دامعًا. هل أراد مشاركتي أم أن عفرة الجو وجفافه جعله يريد غسل عينيه وترطيبها، أم أنه يدرك أننا جميعًا نحتاج إلى الدموع والحزن أكثر من احتياجنا إلى الرقص والفرح حتى نتطهر من الأوساخ التي ما زالت تتراكم وتتكوم على أكتافنا؟
أشار برأسه تجاه الميدان الكبير قائلًا: "قبيل الميدان بعدة خطوات قابلت اللواء الذي أمر باحتجازي، والذي جعل جنوده يضربوني بعصيانهم الغليظة التي تشبه الشوم، أو بالأحرى هي شوم تشبه العصي، وبأيديهم التي تشبه الشوم والعصي، وأقدامهم التي لا تشبه شيئًا سوى بياداتهم". قلت لنفسي لا غرو بذلك.
طالما تمنيت أن أكون معه بهذه الأوقات العسيرة من حياته مثلما تمنيت أن يكون معي بأيامي العسيرة. طالما تمنيت أن آخذه بأحضاني وأمرر كفي على شعر رأسه الغزير وظهره وأكتافه الملفوفة والبارزة ووجهه الغائر نصفه وأقربه إلى صدري وأنا أقبل مقدمة رأسه وصفحتا خديه، كما تمنيت أن أتدفأ بحضنه الواسع وأنا أبكي على ما تمنيته وما جنيته. كنت أريد أن أقول له هامسة بأذنه وأنا ألمسها بشفتيّ أننا كمثل سكير يعمل منقذًا على شاطئ البحر، غارق حتى أذنيه ولا يعي بمصيبته ومصيبة من حوله.
نظرت إلى حرب وأكملت أسئلتي التي لا تنتظر ردًّا: هل نحن على حق؟ هل نسير بالطريق الصائب؟ المفترض أن تسمو بنا الثورة إلى اليقين ولكنها خسفت بنا إلى الشك بكل شيء لدرجة الشك في جدوى التغيير نفسه. وقفت وأنا أعدل بلوزتي الصوفية الفستقية ذات الأكمام السوداء الضيقة ثم قلت له: "أحتاج إلى يقين الخضر حتى أخرق وأقتل وأهدم ولكني لست نبيّة ولا عرّافة حتى أعرف وأصدق أن ما أفعله سيعود بنتائج أفضل من تركي للأشياء على عواهنها بلا تصريف أو تهيئة". رد علي قائلًا: "هذا ليس دورك، أنت امرأة لا يحق لها الخروج وسط الرجال والقيام بأفعالهم أو حتى التفكير مثلهم". أدار نصف جسده العلوي لأقصى ما يستطيع بعيدًا عني ثم أدار رأسه لأقصى ما تستطيع رقبته الحجرية الصلدة.
لم أكن أتخيل أنه سيقول لي مثل تلك الكلمات. صعقت من قوله ولم أعرف بالتحديد ما الذي عليّ أن أقوله ردًّا عليه. فهربت إلى الحكمة التي تقول ترك الجواب جواب. كنت أنتظر ردًّا آخر أو بالأحرى لم أكن أنتظر ردًّا. اعتصرني الألم كاعتصار ألم حلمات صدر أم مات وليدها. ها!! ولكن. لقد تكلم. هل تكلم؟! لقد تكلم. هل تكلم بالفعل؟! هل تحدث إليّ بالفعل؟! أم تراني تخيلت ذلك أم أصبت بالهلوسة؟!
بعدها عرفت موقف حرب من المرأة. وظللت أفكر أيامًا عن جدوى التغيير/التطور الاقتصادي دون تغيير/تطور اجتماعي. حاولت بشتى الطرق خلق الأعذار له ولي حتى أعود مرة أخرى إلى حديث النفس معه، ولكني لم أستطع ولم أجد الوقت الكافي للتأمل. فاستكنت إلى فكرة أن سعاد حسني كانت تغني له ولأمثاله وهي تقول: "دوروا وشكوا عني شوية كفياني وشوش".
أغلقت الجاكت الأزرق رغم عدم شعوري بالبرد، ثم جلست مقتربة أكثر منه ومبتعدة أكثر عنه وأنا أضع يدي اليسري بالجيب الأيمن لجاكتته الخفيفة، بينما يدي الأخرى تحتضن حقيبتي الجلدية باردة الملمس، فنظر إليّ رافعًا رأسه قليلًا حتى يراني أوضح، ثم وضع يده اليمني بجيبه ممسكًا بيدي التي كانت أكثر برودة مما كنت أتوقع. كان وضع يده الحاضن ليدي أهم من أي شيء حولنا. أهم حتى من الثورة والحرية والديمقراطية وحتى مصيرنا. قلت له لنذهب لنجلس بالقهوة قليلًا. سرنا متباطئين ومتأبطين أذرع بعضنا بعضًا بالشارع، وحينما وصلنا إلى مسجد انطمس النور فجأة ولم أعد أرى شيئًا. فوقفت.
ظهر مستطيل متعدد الألوان، وبدأ يتضخم حتى خرج من مجال نظري، أو بالأحرى وقعت برقعة ظلامه ثم ظهر بالأفق مستطيل آخر له نفس الألوان التي تتماوج أمامي كموج النيل حينما يسير على مائه مركب حرس السواحل المطاطي السريع. أحمر برتقالي أصفر أخضر أزرق نيلي بنفسجي. كانت هذه الحالة تنتابني كل فترة، ولكنها لم تصاحبني خارج حجرتي أبدًا! حاول أن يستفهم الأمر ولكني لم أرد أن أقلقه فقلت له أنني أشعر بدوار. فأخذ بيدي عاكسًا الآية ليجلسني على سلم المسجد الذي يأوي مئات المتظاهرين. كنت أعرف أن نوبة  العمى تلك لن تستغرق أكثر من دقيقة، إلا أنني خفت أن يختلف الأمر هذه المرة. خفت من فقدان البصر، وبدأت أفكار كيف سأعيش دون بصر وكيف سنعيش معًا -أنا وهو- بعين واحدة متعبة ومثقلة بالدموع. بالتأكيد لن يتحمل ذلك. بالتأكيد سيتركني إذا ما فقدت بصري تمامًا. فلن أكون بقادرة على مساعدته أو حتى مساعدة نفسي. ولكن هل سيتركني حقًّا؟ إنه قد تحمل وما زال يتحمل من أجل ناس لا يعرفهم ولا يعرفونه، فهل يتخلى عمن يحبها بسبب شيء ليس بيدها إصلاحه؟ بدأت أرتعش وأنا أفكر في مصيري المتصور عبر فقد البصر، وقد حضرت بذهني صورته وهو يدقق بعينه الوحيدة محاولًا تحديد مكان شفتيّ بدقة حتى يقبلهما فأساعده بالاقتراب من شفتيه أكثر فأكثر لأقبله أنا. كنت أفكر، بينما كنت أسمع صوت تقلقله بجانبي، أنه من الأفضل لي أن أموت على أن أكمل حياتي كعمياء تحتاج للآخر بدلًا من خدمته.
فجأة اتضح كل شيء مثلما زال من قبل. فرأيت امرأة جالسة وأمامها قطط كثيرة متنوعة الشكل واللون تأكل من علب كشري ممتلئة لنصفها بطعام متنوع. لم تكن القطط تحفل بالذاهبين والغادين من دورة مياه المسجد الذي تجلس المرأة قبالته. كانوا منهمكين بالطعام، ومن حين لآخر تضرب إحداهما أخرى تريد أن تأكل من العلبة التي استحوذت عليها رغم وجود عدة علب لم يمسسها أي منهن!
قال لي: "عليك أن تعودي للبيت". اشتعلت غضبًا قائلة: "لا تملي عليَّ ما يجب فعله. ثم إنه لا يوجد فارق بيني وبينك، والميدان مليء بالنساء والفتيات". حاول أن يبرر قوله بينما كنت أفكر هل كنت أقصده بهذه الكلمات أم كنت أقصد الباشا؟ والغريب أنني لم أحاول أن أساعده في تخطي الموقف، بل تركته يبرر قوله بطريقة كنت أسخر منها بداخلي وألوم نفسي عليها. لماذا أفعل ذلك بمن أحبه؟ أعرف جيدًا أنه لم يقصد ولكني أردت أن أقطع عرقًا وأسيح دمه مثلما يقولون. ربما يكون ضعفي الوقتي بسبب العمى اللحظي هو ما دفعني لإثبات نفسي أمامه بهذا الوقت بالتحديد.
كان الداخل والخارج ينظر لنا نظرة ذات مغزى واضح، فقلت له: "لا داعي للتبرير". ثم صمت للحظات، ثم أردفت: "ويكفي جلوسنا ها هنا". مضينا ولكن الغضب كان يملأ كلانا. الضغوط المتباينة التي نجمت عن أحداث الأيام الماضية والضغوط السابقة علينا وعلى الآخرين التي نجم عنها نزول الناس للشوارع، كل ذلك جعلنا لا نتحمل هفواتنا وردود أفعالنا التي من الممكن أن تكون بلا قصد، ولكننا كنا نعتبرها مقصودة وذات مغزى، وهو الهرب من الآخر واللجوء إلى الغير كهروب مبارك من العَجَز عبر صبغة الشعر السوداء.
في طريقنا رآه أحد المارة الذي تعرف عليه بسبب صورته التي نشرت بالجرائد وقنوات التليفزيون بعد الحادثة. فطلب أن يلتقط صورة تجمعهما. جذبني إليه حتى أنضم إلى الصورة، فابتعدت وأنا أنظر له نظرة فحواها أنت تعرف عقيدتي. كنا نتواصل بما فوق الكلام، بالإيماءات والإشارات وأحيانًا بالتفكير -والذي كان نادر الحدوث ولكن ندرته لا تنفي وجوده- أحيانًا كنا نتفق على إشارات معينة لنبديها أمام الناس فلا يفهمها سوانا، وأحيانًا نرتجل حركات بحسب المواقف والأشخاص. الخلاصة كنا نتواصل بعدة طرق مضافة إلى الطرق التقليدية الجسدية والشفهية. بعدها قلت له أنني ما زلت لا أحب التصوير. مد يده بمنديل بينما كنت أبحث بحقيبتي عن أحدها بعد أن عطست. مسحت أنفي ثم أكملت: "الصور بشكل عام -فوتوغرافية كانت أو فيلمية- تثبت لحظة أو لحظات معينة وهي بذلك تحاول تثبيت ذاتي وتوقف التغيير والصيرورة، والأهم هي تحاول قتل الموت"، صمتُ قليلا ثم أكملت: "كصورة أبي المعلقة بغرفتي وهو يشرب زجاجة بيرة". ضحك حينما سمع ذلك فضحكت معه مجاملة له أكثر منها عوزًا للضحك. كانت ضحكته يتخللها خروج دفقات متتابعة من الهواء من أنفه، وقد لاحظت بعدها أن أخته الكبري لديها نفس الضحكة. صمتُ قليلا ثم أكملت قائلة أن صورة أبي تسيطر على عقلي وعلى ذاكرتى بشكل ملفت وضاغط. وبدأت أحدثه وكأنني أكلم نفسي، فقلت: "الصور أصبحت تمثل لدي ما هو غير موجود.. ما فات ولن يعود.. ما لا يمكن استعادته من أشخاص أو لحظات أو أماكن.. إلخ، ولذا لا أريد أن أرى نفسي مع شخص أو بلحظة أو بمكان ما لا أستطيع استعادته بالمستقبل إذا ما ضاع مني أو تلاشى فجأة".
كان يعرف قرب علاقتي بأبي. فقد حكيت له بأول مرة تقابلنا فيها الكثير والكثير عن علاقتي بالغائب. يومها شعرت بالراحة والقرب منه رغم بداية تعرفنا. ولقد كنت دائمة التمني والسخرية من (الحب من أول نظرة)، ولكنني اهتديت له ونلته دون أن أعي أو أتفحص. كان قربنا عجيبًا ولم يتوقعه أو يدعمه أحد. فهو النخبوي الذي كان عضوًا بحركة كفاية وأدباء من أجل التغيير، والذي يؤمن أن التغيير سيأتي من القمة عبر رئيس وحكومة واعية تفرض فلسفتها على الشعب كعبد الناصر، وأنا التي تنتمي إلى الاشتراكيين وأعمل بجمعية رسالة الخيرية وأكره عبد الناصر وأؤمن أن التغيير سيأتي من القاع عبر فرد فرد من المجتمع وتدريجيًّا حتى نصل إلى القمة. كنت أعتقد أن هذه هي اختلافاتنا الوحيدة، وبنفس الوقت كنت أعتقد أننا لسنا مختلفين سوى بالاتجاه وأن غايتنا واحدة وأن طريقنا واحد.
وبينما كنا جالسين بالقهوة، بدأ أحد روادها يدندن على العود وهو يغني: "شيد قصورك على المزارع"فاجتمعنا رغم الخلاف الشكلي والفكري على حب الأغنية. كان أصدقاء عازف العود يحتمون من برد الليل بشرب الشاي أو الينسون الدافئ وهم يرددون وراءه مقاطع الأغنية، وحينما وصلوا إلى: "والنصر قرب من عنينا"، قال أحد الجالسين بالمقهى: "ارفع صوت التليفزيون حتى نسمع الأخبار". كنت أفكر أنه ليس كل ما يتمناه المرء يناله؛ ولذا يجب عليّ التفكير ومراجعة الأمر قبل الانغماس فيه حتى لا أصدم حينما لا يكتمل الأمر. عاد إليّ الشعور أنه لا أمان مع الحب، وزدت عليه أنه لا أمان بالحياة كلها، خاصة بعد ما خبرته بالفترة الماضية. كنت أشعر أنه قد ملَّ مني ومن الأمر برمته، وأن حركته المستمرة والعصبية المتمثلة في تقليبه لكوب الشاي لمدة طويلة وبلا وعي ينم عن تفكيره في المغادرة وعدم العودة مرة أخرى إلى الميدان، وربما عدم العودة مرة أخرى لي. كنت أعرف أنه قد وحَّد بيني وبين الميدان، وأننا بالنسبة له ربطة واحدة؛ إما أن يستمر في محاولة فكها وحلها أو الاستغناء عن ما تحتويه من أشياء لا يعرف كنهها. تلبستني اللامبالاة حينما فكرت في الأمر من تلك الزاوية. فقررت أنه إذ ما غادر ولم يهاتفني بغضون الأيام الثلاثة القادمة، سأقطع علاقتي به وسأمحوه من دفتر تليفوناتي وسأرفض أي محاولة منه للوصول إليَّ وسأقول له بكل ثقة وإصرار وتصميم هذا فراق بيني وبينك.
محمد سيد عبد الرحيم



The Perfect Holiday Hair

$
0
0
Here is a little secret technique for perfect holiday hair. I just love it! It looks cute and perfectly undone, and in the same time just enough. All the credits go to A Beautiful Mess, and amazing Katie. Thank you for shairng! You may think that she used a curler on the third picture, but it's actually a piece of thick fabric. It's been folded one or two times. The fabric she used was 4.5x4.5 inches and dubled over.

Start by gathering a section of hair from the top of your head. Tease it to add some textue and volume. Take the piece of fabric (already folded) and warp the hair around it like a curler. Continue rolling the hair untill you reach the scalp. Pin in place. After that, add some random braids just to add a little character.

You can add some hair accessories, just to fill the look. And done!


Ombre Hair Is Back

$
0
0
Most of you would say "Oh please, that's so last year's hairstyle", but I don't think so. Well yes it was a trend one or two years ago, but it's back! After the big pastel hair hit for summer, it became the new hair trend for this Autumn 2012 collection (my source - British Vouge). There are so many types of ombre hair, but I'm thinking on brown to pale blonde ends (I prefer that look better) or you can just play with colours. A whole host of colour combinations were on show at Prada.


img source - Zoella 

A lot of women ask what to tell their hairdresser so they could get the look that ther're asking for. The answer is very simple, just show them a picture and they'll know exactly what to do. But if you really don't  have any money, you can go and try to find some online tutorials for a DIY ombre hair look. I've alredy searched a little bit, and found a great tutorial also on Zoella - DIY Ombre Hair. Tell me what you think! 

Double Braid

$
0
0
This is not a two braids into one hair tutorial, well actually it will just look like that. But, it's not hard at all, trust me. During the summertime it's nice to take out your ripped up denim shorts and a cute top with a tomboy denim shirt. And try this cute hairstyle! I've found this tutorial on Sincerely, Kinsey and I'm really starrting to love that blog. This beautiful hair tutorial is quick and it looks great with everything.


Preparation: a small rubber band hair tie, a few bobby pins.

Begin with your hair down. Take a section of yor hair from the thicker side of your hair, and braid all the way down. It will lie flat on your head best if you angle it back as you're braiding it. Next, slightly tug all along the braid, to make it look thicker. One the braid is done, pin it on the back far side of your head underneath the top layers of your hair, covering the bobby pin. After that braid the rest your hair into a side braid. Do the same thing like with the frirst braid, tug it all the way down. If the wind isin't cooperating, take a few spritz of hairspray to keep it in place.

Happy Wednesday friedns! 


Quick Twisted Buns

$
0
0
Well since I have my not-so-new short hairstyle for a while now, I'm starrting to miss my long hair... Don't get me wrong, I like my short hair, bu sometimes I miss the freedom of trying all kinds of hairstyles. So, A Beautifull Mess maybe heard me, and made a post about four quick and easy hair tutorials for short hair. They are pretty good, so go and check them out here! This only one of them:


Separate your hair into three ponytails. Then twist the pony into small a bun and secure with bobby pins. Continue like that untill you finish the look! And done! 




Get The Look: Taylor Swift

$
0
0
Hey everyone! Lately I've been thinking about adding something new and fresh to my blog, like a new column. Or something like that. And in the same time share with you my celebrity style icons and their amazing closet. So whenever I feel like writing, I can always turn to a little research and celebrities.
First on my list is the amazing Taylor Swift. I will be honest, I rescently became a fan of hers, well more a fan of her style. Maybe because of her new hairstyle. Those bangs really gave her a little more sophisticated look. And It suits her perfectly. And almost everything she wears is perfect for everyday wear.

On the right side you can see a very simple but chic combination of a basic white shirt, and black pants with very small dots on it. I also like the cute cardigan. It's risky to wear a cardigan with such a formal look, but the awesome Ray-Bans gave it a completely different outlook. 

bag:LAUREN MERKIN STEVIE SATCHEL
On the left side you can see a very navy combination with red jeans. Again with the Ray-Bans, but I just love it. This is a perfect everyday style that suits everyone, and it's very easy to achieve. 

shirt:DIZZY STRIPE HENLEY SHIRT
jeans:SUD EXPRES JEAN SLIM ORANGE (sold out)
bag:LAUREN MERKIN STEVIE SATCHEL


img source
When I see this look it reminds me of London. I don't know why, honestly. However I really seem to like it even thought I'm not a big fan of wearing yellow or that navy blue as a color. But, Taylor did a great job there! 
sweater:RALPH LAUREN
bag:FENDI

Sooo this is the look I definitely love the most. It's a stylish and casual. Red lipstick looks great with the whole combination, and Ray-Bans also. It's really Manhattan, without much effort. The vintage sunglasses in a cat eye shape gives it just enough glam and fills the look. Not much, but beautiful.  

shorts:DR. DENIM
bag:COACH 

img source; made by me

Taylor is promoting her new single and new album 'Red' that's coming out this October and I can't be more excited! This is another chic & basic look styled with a red lipstick and Ray-Bans. Vintage, and always IN, Taylor keeps surprising people with her own sense of style. She is original, and that's what I love about her. 
shirt:NASTY GAL
shorts:FOREVER 21
shoes:SORVAGUR
Say if it helped by leaving a comment! Happy Sunday friends! 
Viewing all 80 articles
Browse latest View live